رغم أن عددًا قليلًا من الدول يهيمن على الحصة الأكبر من سكان العالم، فإن الغالبية العظمى من الدول المعترف بها من قِبل الأمم المتحدة هي دول صغيرة من حيث عدد السكان. حسب بيانات الأمم المتحدة لعام 2023، أكثر من نصف دول العالم — تحديدًا 51% — يقل عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة. وهذا يشمل 36 دولة لا يتجاوز عدد سكانها المليون، و63 دولة يتراوح عدد سكانها بين مليون و10 ملايين.
ورغم أن هذه الدول الصغيرة تمثل الأغلبية من حيث العدد (99 دولة من أصل 193)، إلا أنها مجتمعة لا تمثل سوى 4% من إجمالي سكان العالم. على الجانب الآخر، فإن 16 دولة فقط يفوق عدد سكانها 100 مليون نسمة. من بينها الهند، الصين، الولايات المتحدة، إندونيسيا، باكستان، ونيجيريا، أما عن الحضور العربي فتأتي مصر الوحيدة في فئة الدول التي يزيد سكانها عن 100 مليون بتعداد سكان بلغ 114 مليون نسمة.
تستحوذ هذه الدول القليلة وحدها التي يبلغ عددها 16 دولة على نسبة 66% من سكان الكوكب. وهذا التفاوت يسلّط الضوء على الفجوة بين الوزن السياسي والجغرافي للدول في النظام الدولي، مقابل تأثيرها الفعلي من حيث الحجم السكاني والاقتصادي.
رغم أن الأمم المتحدة تُعامل الدول كافة على قدم المساواة داخل الجمعية العامة، فإن التأثير الفعلي على القرارات العالمية — سواء في التجارة أو المناخ أو الأمن — يكون غالبًا لصالح الدول ذات الكثافة السكانية العالية، نظرًا لما تمثله من أسواق ضخمة وقوة بشرية واقتصادية. في المقابل، تواجه الدول الصغيرة تحديات من نوع مختلف، تتراوح بين التغير المناخي والموارد المحدودة، لكنها تتمتع في كثير من الأحيان بدرجة عالية من الاستقرار والقدرة على التكيّف.
ما تكشفه هذه الأرقام أن الكثافة السكانية لا تعني بالضرورة الهيمنة، كما أن قلة عدد السكان لا تقلل من أهمية الدول على المسرح الدولي. ومع ذلك، فإننا نعيش في عالم تتحكم فيه حفنة من الدول الكثيفة بعدد السكان بمصير مليارات من البشر.