شهد قصر اليمامة في العاصمة الرياض أعمال القمة السعودية الأمريكية التي ترأسها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب، في لقاء حمل أبعادًا استراتيجية واسعة عكست متانة العلاقات التاريخية بين البلدين وحرص الجانبين على تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات.
تناولت القمة مجموعة من القضايا الحيوية، على رأسها سبل تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة، حيث ناقش الطرفان التحديات الإقليمية والدولية، والجهود المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما جرى خلال القمة استعراض مسارات التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي، مؤكدين التزام البلدين بمواصلة التنسيق وتبادل الخبرات بما يخدم مصالح الشعبين.
وعقب انتهاء جلسات المباحثات، توجه ولي العهد والرئيس الأمريكي إلى القاعة المخصصة لتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الثنائيةk وتم التوقيع على وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تشكل إطارًا شاملاً لتعاون طويل المدى في مجالات متعددة.
تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة في المملكة ووزارة الطاقة الأمريكية، لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة.
تسلم الوثيقة من الجانب السعودي وزير الطاقة عبدالعزيز بن سلمان، فيما تسلمها من الجانب الأمريكي وزير الطاقة كريس رايت.
تم التوقيع على مذكرة نوايا لتحديث وتطوير قدرات القوات المسلحة السعودية بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية، إلى جانب مذكرة أخرى لتعزيز القدرات الصحية العسكرية، واستلم الوثائق وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث.
شهد اللقاء توقيع مذكرة تعاون بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية في السعودية ووزارة الطاقة الأمريكية، بهدف تطوير قطاع التعدين والاستفادة من الخبرات الأمريكية في هذا المجال الحيوي.
أُعلن عن خطاب نوايا مشترك بين وزارة الحرس الوطني السعودية والجانب الأمريكي، لتطوير مجالات الذخيرة والتدريب والإسناد والصيانة وقطع الغيار، إضافة إلى التعليم والتحديث للأنظمة البرية والجوية.
جرى توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية السعودية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، لتعزيز التعاون في مكافحة الجريمة والإرهاب والتنسيق في مجال تبادل المعلومات الأمنية.
وقعت وزارتا العدل في البلدين مذكرة تفاهم للتعاون القضائي، تهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب في المجال القانوني، بما يعزز العدالة ويطور الأنظمة القضائية.
تم الإعلان عن اتفاقية تنفيذية للتعاون في مشروع كيوب سات لرصد الطقس الفضائي ضمن مهمة أرتميس 2، بين وكالة الفضاء السعودية ووكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، وهو ما يعكس التوجه السعودي نحو دعم الابتكار والبحث العلمي في مجالات المستقبل.
وقعت اتفاقية بشأن المساعدة المتبادلة بين إدارتي الجمارك في البلدين، إضافة إلى بروتوكول لتعديل اتفاقية النقل الجوي، ما يعكس رغبة مشتركة في تعزيز حركة التبادل التجاري وتسهيل حركة النقل الجوي بين الطرفين.
شهدت القمة توقيع مذكرة تفاهم بين المعهد الوطني لأبحاث الصحة في المملكة والمعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، بهدف التعاون في البحوث الطبية خاصة المتعلقة بالأمراض المعدية.
تم التوقيع على اتفاقيتي تعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا ومؤسسة سميثسونيان الأمريكية، الأولى في مجال البيئة والحفاظ على الحياة البرية، والثانية في مجال الفنون الآسيوية، ما يعكس اهتمام الجانبين بتعزيز التبادل الثقافي والحفاظ على التراث.
حضر القمة ومراسم توقيع الاتفاقيات عدد كبير من كبار المسؤولين من الجانبين، حيث شارك من الجانب السعودي وزراء الطاقة، الداخلية، الرياضة، الحرس الوطني، الدفاع، الخارجية، الاستثمار، الاتصالات، المالية، الصحة، العدل، إضافة إلى محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورؤساء الهيئات ذات العلاقة مثل الطيران المدني وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، إلى جانب السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة.
أما من الجانب الأمريكي، فقد حضر عدد من كبار المسؤولين في مقدمتهم وزراء الخارجية، الدفاع، الخزانة، التجارة، والطاقة، إضافة إلى كبار موظفي البيت الأبيض، والمبعوث الخاص للشرق الأوسط، ومنسق شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وعدد من رؤساء الإدارات الفيدرالية المتخصصة في البحث العلمي والسياسة التكنولوجية.
اختتمت أعمال القمة بمغادرة الرئيس الأمريكي قصر اليمامة، حيث كان في وداعه ولي العهد، بعد يوم حافل بالمباحثات والمخرجات التي ينتظر أن تسهم في فتح آفاق جديدة من التعاون الثنائي، وتعكس الحرص المشترك على تعزيز التحالف الاستراتيجي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في مختلف المسارات.
تحمل هذه القمة العديد من الدلالات، أبرزها التأكيد على عمق العلاقة التاريخية بين البلدين، والتي تمتد لعقود طويلة من الشراكة في مجالات السياسة والاقتصاد والدفاع.
كما تبرز القمة التوجه السعودي نحو توسيع أطر التعاون الدولي بما يخدم تطلعات “رؤية المملكة 2030″، خاصة في مجالات التقنية والطاقة المتجددة والفضاء والصحة.
وتؤكد المخرجات المعلنة أن العلاقات السعودية الأمريكية لم تعد محصورة في الجانب الأمني فقط، بل توسعت لتشمل قطاعات حيوية تسهم في التنمية المستدامة وتبادل المعرفة والابتكار، وهو ما يفتح المجال لمزيد من الشراكات المستقبلية بين القطاعين الحكومي والخاص في البلدين.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
ما سبب اختيار “ترامب” السعودية لبدء جولته الخارجية؟