تتجه الأنظار إلى المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في سويسرا، حيث يمكن أن تحدد مخرجاتها مستقبل العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم.
ومن المقرر أن يجتمع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت والممثل التجاري جيميسون غرير يوم السبت مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني والمسؤول الاقتصادي البارز خه لي فنغ.
ورغم أن المحللين يستبعدون التوصل إلى اتفاق شامل من اجتماع واحد، إلا أنهم يأملون في طرح تراجع جزئي عن التعريفات الجمركية الباهظة على الطاولة.
ويسعى الجانبان لإيجاد مسار لخفض التصعيد، مع تزايد صعوبة تجاهل التداعيات الاقتصادية للتعريفات.
يواجه كلا الاقتصادين ضغوطاً؛ فالولايات المتحدة تشهد انكماشاً ومخاوف من ركود اقتصادي مصحوب بارتفاع التضخم والبطالة.
أما الصين، فرغم نمو مبدئي جيد هذا العام، تواجه توقعات بتباطؤ النمو السنوي إلى ما دون الأهداف الحكومية.
ويرى مراقبون أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يكون لديه ما يخسره أكثر، نظراً لأن النظام السياسي الصيني قد يمنح قيادة البلاد “قدرة أعلى على تحمل الألم” وسيطرة أكبر على سياسات الدعم الاقتصادي.
وستركز مهمة نائب رئيس مجلس الدولة خه على استيضاح مطالب ترامب وتقييم نوايا الولايات المتحدة تجاه مصالح الصين.
وقبيل الاجتماع، أظهرت الصين مؤشرات ثقة، حيث كشفت بيانات عن ارتفاع صادراتها في أبريل بفضل زيادة الشحنات لدول جنوب شرق آسيا، متجاهلة انخفاض الصادرات للولايات المتحدة.
كما أطلقت وزارة تجارتها يوم الجمعة “عملية خاصة” لمكافحة تهريب معادن استراتيجية هامة.
ووصفت الوزارة العملية بأنها حملة ضد “كيانات خارجية تواطأت مع أفراد محليين” لتجاوز قواعد الرقابة على الصادرات التي شددتها بكين، في خطوة اعتبرها مفاوض تجاري أمريكي سابق “تذكيراً مفيداً بالنفوذ الذي تمتلكه الصين”.
وتعد الصين أكبر منتج للعديد من المعادن الحيوية للصناعات المتقدمة، وقد شددت قيود تصديرها رداً على تعريفات ترامب.
وتتصدر أجندة واشنطن، وفقاً لتقارير، مسألة رفع قيود الصين على صادرات الأتربة النادرة. كما تمثل حيازات الصين الضخمة من سندات الخزانة الأمريكية، البالغة قرابة 800 مليار دولار، نقطة ضغط محتملة، رغم أن بيعاً كبيراً للسندات قد يأتي بنتائج عكسية على الصين نفسها.
يتوقع محللون أن يكون التراجع الجزئي عن التعريفات من أبرز نتائج الاجتماع، رغم انقسامهم حول مدى التعديلات وسرعة خفض التصعيد.
ويشير البعض إلى إمكانية خفض كبير في معدلات التعريفات الأمريكية على السلع الصينية، وكذلك تراجع متبادل في متوسط معدلات التعريفات بين البلدين، وإن بقيت أعلى من مستوياتها قبل عودة ترامب للسلطة.
مؤخراً، أبدى مسؤولون أمريكيون كبار تفاؤلهم بشأن المحادثات، معربين عن أملهم في تخفيف الحواجز التجارية.
وأشار وزير التجارة هوارد لوتنيك إلى أن هدف وزير الخزانة بيسنت هو خفض التصعيد، وهو ما يأمله الرئيس ترامب أيضاً.
وفي تصريحات متضاربة، أعرب ترامب عن أمله في “عطلة نهاية أسبوع جيدة مع الصين”، بينما لمح في منشور آخر إلى أن “تعريفة 80% على الصين تبدو مناسبة!”.
في المقابل، اتخذ المسؤولون الصينيون لهجة أكثر حزماً، مجددين مطالبة بلادهم لإدارة ترامب بإلغاء جميع التعريفات أحادية الجانب.
وأكد متحدث باسم وزارة التجارة أن “الصين لن تضحي بمبادئها للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة”، مشدداً على ضرورة “تصحيح واشنطن لأخطائها”.
قد تقدم الصين بعض “المحفزات” خلال المحادثات، مثل تعزيز مكافحة تدفقات الفنتانيل، مما قد يؤدي لإزالة تعريفات مرتبطة به.
وقد سعى الطرفان لتخفيف الأعباء الاقتصادية للتعريفات عبر إعفاءات على سلع معينة.
ومع ذلك، يرى محللون أن التوصل لاتفاق شامل، على غرار “اتفاق المرحلة الأولى” الموقع في ولاية ترامب الأولى، أمر “مستبعد وغير مثمر” نظراً لتمسك كل طرف بأولوياته الاستراتيجية وخطوطه الحمراء.
ويُشار إلى أن بكين لم تفِ بالتزامات الشراء بموجب ذلك الاتفاق السابق بسبب جائحة كوفيد-19، بينما ادعت الصين الوفاء به وانتهاك أمريكا لبنود أخرى.