شهد سوق التمويل العقاري السكني في السعودية تحولات كبيرة خلال الفترة الممتدة من عام 2018 إلى عام 2024، إذ تذبذب حجم التمويل المقدم للأفراد صعودًا وهبوطًا، متأثرا بمجموعة من العوامل الاقتصادية، والسياسات الحكومية، ومبادرات الدعم السكني، بالإضافة إلى التغيرات في معدلات الفائدة والطلب المحلي على التملك.
وفقًا للبيانات الصادرة من البنك المركزي السعودي، بلغ حجم التمويل العقاري السكني الجديد المقدم للأفراد في عام 2018 نحو 27.741 مليار ريال، مسجلًا نسبة نمو بلغت 46% مقارنة بعام 2017، ومثّل هذا المعدل موجة صعود غير مسبوقة في القطاع العقاري، تعززت ببرنامج الدعم السكني الذي أُطلق بالتزامن مع “رؤية 2030”.
وفي عام 2019، قفز حجم التمويل إلى 78.963 مليار ريال، محققًا نموًا سنويًا هائلًا بنسبة 184%، تلاه عام 2020 الذي سجّل رقمًا قياسيًا جديدًا بـ150.785 مليار ريال بزيادة 90% عن العام السابق، مدعومًا بمبادرات مثل “سكني” وتقديم القروض المدعومة.
اعتبارًا من عام 2021 بدأت وتيرة نمو التمويل العقاري السكني للأفراد في التباطؤ، حيث بلغ حجم التمويل 152.541 مليار ريال بزيادة طفيفة لم تتجاوز 1%، ثم شهد السوق انكماشًا واضحًا في 2022، إذ تراجع التمويل إلى 120.274 مليار ريال بنسبة انخفاض 21%، في ظل تحوّلات عالمية وارتفاع في أسعار الفائدة بعد “جائحة كوفيد-19”.
وشكّل عام 2023 مرحلة حرجة، حيث هبط التمويل إلى 77.739 مليار ريال، بانخفاض كبير قدره 35%، ما اعتبره بعض المحللين تصحيحًا طبيعيًا في السوق بعد فترة انتعاش سريعة، إضافة إلى تأثير السياسات النقدية الأكثر تشددًا.
ومع حلول عام 2024، عاد القطاع ليسجل نموًا إيجابيًا، حيث بلغ التمويل العقاري الجديد 91.062 مليار ريال، بنمو قدره 17%، ويُعزى هذا الانتعاش إلى عودة الطلب تدريجيًا، مع استمرار برامج الدعم، وتسهيل شروط التمويل لبعض الفئات المستفيدة من وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان.
ويظهر هذا التسلسل الزمني أن قطاع التمويل العقاري في السعودية بات أكثر حساسية للتغيرات الاقتصادية، لكنه أيضًا أظهر مرونة في التعافي بعد فترات التباطؤ، كما تؤكد هذه الأرقام الدور الحاسم للسياسات الحكومية ومبادرات التمويل الميسر في تحفيز حركة السوق وتحقيق أحد أهداف رؤية 2030 المتمثلة في رفع نسبة تملك السعوديين للمساكن.