تسببت التغيرات المناخية المتسارعة، في تسجيل مناطق عديدة حول العالم خلال السنوات الأخيرة ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة، مما أدى إلى عدد من موجات الحر القياسية، والتي أرخت بظلالها على المجتمعات والاقتصادات والبنية التحتية.
تظهر البيانات المجمعة أن موجات الحر لم تَعُد ظاهرة موسمية عابرة، بل أصبحت أكثر حدة وتكرارًا، فقد سجّلت مدن حول العالم درجات حرارة قياسية تتجاوز الـ45 درجة مئوية، مما أدى إلى حالات وفيات، وانقطاعات كهربائية، وحرائق غابات على نطاق واسع.
وتُعد موجة الحر التي ضربت أوروبا عام 2022 واحدة من أكثر موجات الحر تأثيرًا تأثيرًا، حيث وصلت درجات الحرارة في المملكة المتحدة إلى 40.3 درجة مئوية، وهي الأعلى على الإطلاق منذ بدء تسجيل البيانات، كما تأثرت فرنسا وإسبانيا والبرتغال بارتفاع مماثل أدى إلى وقوع آلاف الضحايا نتيجة الإجهاد الحراري.
وفي آسيا، سجلت الصين درجات حرارة قاربت 52.2 درجة مئوية في منطقة سنجان خلال يوليو 2023، في حين تجاوزت درجات الحرارة في باكستان والهند حاجز الـ50 درجة مئوية، ما دفع الحكومات إلى إطلاق تحذيرات صحية وفرض قيود على العمل الخارجي.
أما أمريكا الشمالية، فلم تكن بمنأى عن الظاهرة، حيث شهدت مناطق من كندا درجات حرارة تخطت 49.6 درجة مئوية في بلدة ليتون عام 2021، والتي دُمرت لاحقًا بفعل حرائق الغابات الناتجة عن موجات الحر، أما في كاليفورنيا بالولايات المتحدة، فقد سُجلت درجات حرارة وصلت إلى 54.4 درجة مئوية.
ويرى الخبراء أن موجات الحر هذه ليست سوى نذير لما هو قادم، في ظل استمرار ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة وتأخر التحركات العالمية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتؤكد دراسات علمية أن موجات الحر ستصبح أكثر تكرارًا وطولًا، مما يتطلب استعدادات استباقية تشمل تحديث البنية التحتية وتفعيل خطط الاستجابة الطارئة.