أصبح البلاستيك جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بداية من التعبئة والتغليف إلى الأدوات الطبية الأساسية. لكن بمجرد أن يُلقى بعيدًا، لا يختفي البلاستيك ببساطة. بل يظل في البيئة لعقود طويلة، بل حتى قرون، مسببًا تهديدات بيئية دائمة. وفي ظل ضعف معدلات إعادة التدوير، التي لا تتجاوز 9% عالميًا، يبقى البلاستيك في المكبات أو البحار، مما يشكل تحديًا بيئيًا هائلًا.
يُصنع البلاستيك من النفط الخام، وهي مادة غير موجودة في البيئة بشكل طبيعي. لكن ما يجعل البلاستيك أكثر تعقيدًا في تحلله هو اختلاف الروابط الكربونية في تركيبته مقارنة بالمواد الطبيعية. هذه الروابط تجعل من الصعب تفكيك البلاستيك، الأمر الذي يتطلب وقتًا طويلًا وتكنولوجيا متقدمة لتحليله.
تتفاوت مدة تحلل البلاستيك إلى حد بعيد حسب نوع المادة وتركيبها. فبعض المواد البلاستيكية تحلل أسرع من غيرها، رغم أن جميعها يستغرق وقتًا طويلًا.
مثلًا تعد أعقاب السجائر من أسرع المواد البلاستيكية تحللًا، حيث تحتاج إلى حوالي خمس سنوات فقط لتتحلل، وتحتاج الأكياس البلاستيكية إلى 20 عامًا للتحلل، بينما الأكواب ذات الطبقة البلاستيكية قد تستغرق حوالي 30 عامًا.
أما المصاصة البلاستيكية فتظل في البيئة لمدة تصل إلى 200 عام، في حين أن حلقات علب المشروبات الغازية تبقى لمدة 400 عام، ويحتاج البلاستيك المستخدم في الزجاجات، المصنوع من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات (PET) إلى نحو 450 عامًا لتحلله تمامًا.
وتستغرق المواد مثل فرش الأسنان والحفاضات حوالي 500 عام لتتحلل، وهي المدة نفسها التي يبقى فيها الستايروفوم في البيئة.
وعلى قمة هذه القائمة، تأتي خيوط الصيد البلاستيكية التي يمكن أن تبقى في البيئة لمدة تصل إلى 600 عام. وكلها مواد تشكل تهديدًا خاصًا للحياة البحرية، حيث يمكن أن تتسبب في إصابة الحيوانات البحرية أو حتى قتلها نتيجة ابتلاعها، أو تشابكها فيها.
تؤدي هذه المواد البلاستيكية، التي تبقى في البيئة لفترات طويلة، إلى تهديدات بيئية كبيرة. فمع تراكم البلاستيك في الطبيعة، يصبح التلوث البلاستيكي أكثر انتشارًا في المحيطات والبحار، مما يؤثر سلبًا على الحياة البحرية.
فالحيوانات البحرية تتعرض بشكل متزايد لمخاطر الإصابة بسبب البلاستيك، سواء عن طريق تشابكها بالخيوط البلاستيكية أو ابتلاعها للقطع البلاستيكية، مما يسبب لها أمراضًا خطيرة وموتًا محققًا في بعض الأحيان.
حتى البلاستيك المعاد تدويره لا يسلم من هذا المصير. فعلى الرغم من أن البلاستيك يمكن أن يُعاد تدويره مرة أو مرتين، فإن جودته تتدهور مع كل عملية تدوير، ليصبح في النهاية غير صالح للاستخدام. وفي نهاية المطاف، ينتهي البلاستيك المعاد تدويره إما في مكبات النفايات أو يُحرق، أو ينجرف نحو المحيطات، مما يعمق أزمة التلوث البلاستيكي.
ويعد تقليل استخدام البلاستيك أحد الحلول الأكثر أهمية لمواجهة هذه الأزمة البيئية. ولكن ذلك يتطلب تغييرات كبيرة في سلوكيات المستهلكين، بالإضافة إلى سياسات حكومية تشجع على استخدام بدائل أكثر استدامة. ومن الضروري أيضًا أن تزداد كفاءة عمليات إعادة التدوير من خلال تحسين التقنيات المتاحة، مما يساعد على تقليل الكمية المتبقية من البلاستيك في البيئة.
في الوقت ذاته، يجب أن تستثمر الشركات والدول في تقنيات مبتكرة لإدارة النفايات البلاستيكية والتخلص منها بطرق أكثر أمانًا. وبذلك، يمكننا الحد من أضرار البلاستيك وتحقيق بيئة أكثر صحة واستدامة.
اقرأ أيضًا:
ما الذي يملأ صناديق القمامة في العالم؟
