كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة كولومبيا الأمريكية، أن عوامل الخطر المرتبطة بمرض الزهايمر، قد تؤثر في الوظائف الإدراكية في مرحلة مبكرة من الحياة، حتى قبل بلوغ سن الثلاثين.
وأشار فريق من الباحثين، إلى أن عوامل خطر مرض الزهايمر وعلامات بيولوجية قد تظهر آثارها على الأداء المعرفي للإنسان في سن مبكرة، تصل إلى عمر 24 عامًا.
تمثل هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة «The Lancet Regional Health – Americas»، أول محاولة كبيرة في الولايات المتحدة لفحص العلاقة بين عوامل خطر الزهايمر مثل العوامل الوراثية والبيولوجية، والأداء المعرفي لدى البالغين الأصغر سنًا، الذين يتراوح أعمارهم بين 24 و44 عامًا.
وتقول الدكتورة أليسون آييلو، أستاذة علم الأوبئة في جامعة كولومبيا: «لقد ركزت معظم الدراسات السابقة على الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من العمر، بينما تقدم نتائجنا فهماً أعمق لتأثيرات هذه العوامل قبل منتصف العمر».
تمكن الباحثون من تحليل مجموعة واسعة من العوامل المؤثرة في الصحة مثل ضغط الدم والكوليسترول ومؤشر كتلة الجسم والوراثة من خلال تقييم ما يعرف بـ CAIDE score، وهو مقياس يشمل عدة عوامل تؤثر في الصحة العقلية.
وقُورِنَت نتائج المهام المعرفية التي خضع لها المشاركون مع النتائج الوراثية والتحاليل البيولوجية، بما في ذلك البحث عن المؤشرات البيولوجية الخاصة بمرض ألزهايمر مثل «الأميلويد» و«التاو» و«التحلل العصبي»، والمعروفة مجتمعة بمصطلح ATN.
استخدم الباحثون بيانات من الدراسة الوطنية للصحة بين الشباب والبالغين التي تتبع مجموعة من المراهقين إلى البالغين الشباب منذ العام 1994.
شمل التحليل 11,449 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 24 و34 عامًا، خضعوا لفحوصات منزلية وتقييمات معرفية ودموية دقيقة، مما أتاح لهم جمع بيانات شاملة حول العوامل المعرفية والصحية للمشاركين.
تشرح آييلو «أظهرت نتائجنا أن بعض المؤشرات المرتبطة بالقلب مثل الصحة الوعائية وأيضًا العلامات البيولوجية مثل ATN، يمكن أن تؤثر في الإدراك قبل سن الخمسين»، مضيفة أن هذه العلاقة تتزايد بشكل متسارع مع تقدم العمر، وأنه يمكن استباق هذا التدهور المعرفي عبر التدخلات المبكرة.
إحدى أبرز النتائج التي تقدمها هذه الدراسة هي إمكانية الوقاية المبكرة من مرض الزهايمر.
فعوامل مثل تحسين الصحة القلبية أو معالجة الالتهابات قد تؤدي إلى تأخير ظهور المرض. علاوة على ذلك، تُعد ATN وAPOE عوامل مهمة ينبغي مراقبتها مبكرًا.
عوامل مثل الوراثة، خصوصًا جين APOE ε4، لم تُظهر تأثيرًا واضحًا على المشاركين في سن الأربعينات، ولكن من الممكن أن تصبح أكثر وضوحًا مع تقدم العمر. وهذا يوضح أن هناك فترة زمنية قد تسبق الأعراض السريرية، التي تكون فيها المؤشرات البيولوجية المرتبطة بالزهايمر قابلة للكشف.
هذه النتائج تشير إلى أن استراتيجيات الوقاية والعلاج المبكر ستكون ضرورية خلال السنوات القادمة. مع زيادة أعداد كبار السن في المجتمعات، خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص المصابين بالزهايمر بشكل كبير في العقود القادمة.
وبدء الجهود الوقائية قبل بلوغ سن الخمسين قد يساعد على تقليل العبء النفسي والاقتصادي المرتبط بالمرض، حيث تقول آييلو «إننا نتحدث عن إعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع مرض ألزهايمر منذ مراحل الحياة المبكرة،». وتضيف: «في حال نجحنا في تطبيق استراتيجيات الوقاية والعلاج قبل ظهور الأعراض السريرية، فقد نتمكن من التأثير بشكل كبير على مستقبل هؤلاء الأفراد».
تسعى الدراسة إلى تقديم رؤى جديدة لمراكز البحث والممارسين الصحيين حول أهمية مراقبة التغيرات المعرفية منذ سن الشباب.
من الممكن أن يتضمن ذلك تشجيع الأفراد على تبني نمط حياة صحي يشمل تقليل عوامل الخطر مثل السمنة والضغط الدموي المرتفع، إضافة إلى اعتماد تقنيات فحص مبكرة للوقاية من الإصابة.
