في عالم تعج فيه الأصوات من كل حدب وصوب، هناك من لا يملك رفاهية تجاهل صوت مضغ أو طقطقة قلم، هؤلاء لا يشعرون فقط بالضيق، بل يدخلون في حالة من التوتر الشديد، بل وحتى نوبات غضب أو هلع.
هذه الحالة تُعرف علميًا باسم “كراهية الأصوات” أو Misophonia، وهو اضطراب عصبي ونفسي يجعل بعض الأصوات البسيطة تبدو لا تُطاق على الإطلاق.
وعلى الرغم من أنها لا تُصنف رسميًا ضمن الاضطرابات النفسية من قبل الجمعية الأمريكية لعلم النفس، فإن الاعتراف بها آخذٌ في التزايد، لا سيما مع دعم المؤسسات البحثية المتخصصة، ففي أكتوبر 2024، أطلق صندوق أبحاث كره الأصوات تمويلًا بقيمة 2.5 مليون دولار لمشاريع تسعى لفهم أسباب هذه الحالة وابتكار حلول فعالة لعلاجها.
تُعرّف كراهية الأصوات بأنها استجابة انفعالية شديدة لبعض الأصوات اليومية، مثل المضغ، النقر، الشفط، التنفس بصوت، السعال أو تطهير الحلق، وقد تسبب هذه الأصوات استجابة “القتال أو الهروب”، وهي استجابة فسيولوجية تطلقها أجسادنا عادة عند مواجهة تهديد حقيقي.
وتقول الدكتورة جين جريجوري، عالمة النفس بجامعة أكسفورد، والتي تعاني من هذه الحالة:
“كنت أشعر بانزعاج بالغ من صوت الحمام خارج نافذتي، وصوت طقطقة الأقلام في الفصل كان يجعلني أفقد التركيز بالكامل.”
على الرغم من غموض أسباب “رهاب الأصوات”، إلا أن إحدى النظريات تُرجعه إلى آلية دفاع تطورية في الدماغ، تهدف إلى اكتشاف الأخطار من خلال الأصوات الخافتة.
فعلى سبيل المثال، كان صوت مضغ غير متوقع في العصور القديمة قد يشير إلى اقتراب مفترس أو سرقة للطعام.
وفي هذا الصدد توضح الدكتورة جينيفر بروت، مؤسسة شبكة أبحاث كره الأصوات: “دماغك يُفسر تلك الأصوات وكأنها إشارات تهديد، فيُبقي انتباهك موجهًا نحوها بشكل قسري، حتى لو لم تكن ضارة فعليًا.”
وقد ترتبط هذه الحالة أيضًا بأمراض نفسية وعصبية أخرى، ففي دراسة نُشرت عام 2022، لوحظ تزامنها مع اضطرابات مثل الاكتئاب، والقلق، والتوحد، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والوسواس القهري، مما يعزز فرضية أن “كراهية الأصوات” قد تكون عرضًا مرتبطًا باضطرابات أخرى أو اضطراب مستقل في حد ذاته.
رغم عدم وجود علاج دوائي معتمد حتى الآن، فإن بعض الطرق تساعد في التخفيف من أعراض كراهية الأصوات، ومنها:
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
لماذا لا تُجدي المسكنات نفعًا مع النساء؟