logo alelm
من أسعار قياسية إلى تراجع مفاجئ.. ماذا يحدث للذهب عالميًا؟

جاء رد فعل سوق الذهب العالمي على قرار السياسة النقدية في سبتمبر على غير المتوقع؛ إذ تراجعت الأسعار بشكل مفاجئ بعد خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للفائدة. فبعد أن قفز الذهب إلى مستوى قياسي بلغ 3,707.40 دولارًا للأونصة مباشرة عقب الإعلان، سرعان ما فقد زخمه ليتراجع إلى نحو 3,657 دولارًا، مسجلًا انخفاضًا واضحًا عن ذروته التاريخية.

يُبرز هذا التحرك غير المتوقع في أسعار الذهب مدى تعقيد العلاقة بين قرارات السياسة النقدية وسوق المعادن الثمينة، فعلى عكس القاعدة التقليدية التي تفترض أن خفض أسعار الفائدة يدعم الذهب، جاءت استجابة السوق مختلفة.

انخفاض الفائدة

اكتفى مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض محدود للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، وهو ما أدى إلى انخفاض سعر الفائدة المرجعي عن مستواه السابق، وخيب هذا الطرح الحذر آمال المستثمرين الذين كانوا ينتظرون إشارات أكثر وضوحًا لنهج تيسيري قوي، وهو ما انعكس سريعًا على حركة الأسعار.

النبرة المُتحفظة من الفيدرالي عكست بوضوح تفضيله لنهج تدريجي في التيسير النقدي، وهو ما يتعارض مع التوقعات المتفائلة ببدء دورة خفض سريعة وحادة، كما تؤكد البيانات التاريخية الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس هذه الرؤية؛ إذ غالبًا ما يسجل الذهب أداءً قويًا عندما يتبنى صانعو السياسة مسارًا واضحًا ومستدامًا للتيسير، لا مجرد تعديلات معزولة في أسعار الفائدة.

وجاء رد فعل السوق منطقيًا في سياقه حيث تضمن؛ قفزة آنية مدفوعة بخفض الفائدة، تبعتها خسائر سريعة مع إدراك المستثمرين أن المسار المستقبلي للتيسير سيكون أكثر بطئًا وتحفظًا مما كانوا يتوقعون، وهو ما عكس خيبة أمل في النطاق المحدود للتخفيضات المستقبلية المحتملة.

 توقعات السوق مقابل واقع الاحتياطي الفيدرالي

كان المتداولون يتوقعون خفضًا متسارعًا للفائدة حتى نهاية العام، لكن ملخص الفيدرالي كشف عن نهج أكثر تدرجًا، ما أحدث فجوة بين توقعات السوق والتوجه الفعلي. وبحسب مجلس الذهب العالمي، تميل أسواق الذهب إلى “شراء الشائعات وبيع الحقائق”، إذ يبني المستثمرون مراكزهم مسبقًا ثم يجنون الأرباح فور صدور القرارات.

يؤكد المحللون أن تداولات الذهب تقفز بنسبة 200-300% في أيام قرارات الفيدرالي، ما يفاقم التقلبات قصيرة الأجل. وبعد إعلان الفائدة، ارتفع مؤشر الدولار ، مما ضغط على أسعار الذهب بفعل العلاقة العكسية بينهما، حيث يُظهر الارتباط التاريخي بين الذهب والدولار مستويات قوية بين -0.7 و-0.8 خلال دورات الخفض.

تأثير العوامل الاقتصادية على قرار الاحتياطي الفيدرالي

تأثر قرار الفيدرالي بعوامل رئيسية وهي ؛ تباطؤ سوق العمل الذي دفعه لبدء الخفض رغم بقاء التضخم فوق المستهدف، مما زاد حالة عدم اليقين وتقلب الذهب، ومخاوف التضخم المستمرة التي حالت دون تبني دورة تيسير أعمق، وهو ما حد من الدعم التقليدي لأسعار الذهب.

وعادة ما يتحسن اداء الذهب مع الفائدة الحقيقية السلبية خاصةً دون -2%، إذ تقل تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ به، لكن مزيج ضعف سوق العمل ومخاوف التضخم أوجد إشارات متباينة زادت تقلب الأسعار. كما ساهمت توقعات النمو غير المتكافئة ومرونة إنفاق المستهلكين في نهج الفيدرالي الحذر بدلًا من التخفيضات الحادة، ورغم التراجع، ظل الذهب فوق الدعم النفسي 3600 دولار ضمن اتجاه صاعد عام.

تشير البيانات إلى أن سلوك المستثمرين يختلف باختلاف الفئات؛ فبينما يعيد المتحوّطون التجاريون وصناديق المضاربة ضبط مراكزهم سريعًا مع تحولات سياسة الفيدرالي، يُظهر المستثمرون الأفراد طلبًا متزايدًا على الذهب المادي، فقد ارتفعت علاوات العملات والسبائك الصغيرة أثناء التراجعات، ما يعكس إقبالًا شرائيًا لاقتناص الفرص بأسعار أقل. كما تكشف تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي عن صعود الاهتمام الشعبي بالذهب كملاذ طويل الأجل، وهو ما يُضيف دعمًا أساسيًا للأسعار رغم الضغوط المؤسسية.

اقرأ أيضًا:

إنفوجرافيك| أكبر منتجي الذهب في العالم

توقعات بارتفاع تاريخي لأسعار الذهب بحلول عام 2026

أسعار الذهب ترتفع إلى مستوى قياسي.. ما السبب؟

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

مجلس الدفاع الخليجي يُحدد 5 آليات لتعزيز التكامل الدفاعي

المقالة التالية

إنفوجرافيك| نظارات ميتا المدعومة بالذكاء الاصطناعي

من أسعار قياسية إلى تراجع مفاجئ.. ماذا يحدث للذهب عالميًا؟ - العلم