شهدت العديد من أكبر اقتصادات العالم تغييرات جذرية في الدخل اليومي، بين عامي 1994 و2024. فقد ارتفع متوسط الدخل في الصين، على سبيل المثال، بنحو ستة أضعاف بعد التعديل وفقًا للتضخم. في حين شهدت دول مثل إندونيسيا، بولندا، وتركيا زيادة كبيرة في دخلها اليومي بلغ ثلاثة أضعاف.
وعلى الرغم من هذه الزيادات في بعض البلدان، تبقى الولايات المتحدة في المرتبة الثانية عالميًا من حيث دخل الفرد اليومي، مع زيادة معتدلة بلغت نحو 30% فقط منذ عام 1994.
وفقًا للبيانات المعدلة، حسب القوة الشرائية والتضخم من موقع «Our World in Data»، فإن التغيرات في الدخل اليومي بين عامي 1994 و2024 تُظهر صورة معقدة.
فبينما تحسّن الوضع المالي في الصين بشكل لافت، حيث ارتفع الدخل اليومي من 2 دولار في 1994 إلى 12 دولارًا في 2024، فإن هذه الزيادة لا تزال متواضعة بالنسبة إلى الاقتصادات الكبرى. ومع ذلك، تُعد هذه الزيادة الضخمة شهادة على النمو السريع الذي شهدته الصين في العقود الأخيرة.
في المقابل، نجد أن الدخل اليومي في الولايات المتحدة قد نما بشكل أقل سرعة. فقد ارتفع الدخل من 48 دولارًا في اليوم إلى 62 دولارًا في اليوم بين 1994 و2024، مما يمثل زيادة بنسبة 31%.
ورغم أن هذه الزيادة تبدو كبيرة، فإنها تأتي بعد العديد من التقارير التي تشير إلى تزايد فجوة الدخل واللامساواة في الولايات المتحدة مقارنةً ببقية الدول المتقدمة.
من أبرز المفارقات التي تبرزها البيانات هي التغيرات في دول مثل الهند والبرازيل. ففي الهند، ارتفع الدخل اليومي بنسبة 79% من 2 دولار إلى 4 دولارات، بينما في البرازيل شهد الدخل اليومي زيادة بنسبة 105% من 6 دولارات إلى 13 دولارًا.
ورغم أن هذه الأرقام لا تقترب من مستويات الدول المتقدمة، إلا أنها تشير إلى تحسن ملحوظ في الاقتصادات النامية التي كانت تعاني مستويات دخل منخفضة جدًا في التسعينات.
وفي السياق ذاته، تطوّرت بولندا بشكل ظاهر، إذ انتقلت من بلد منخفض الدخل إلى دولة ذات دخل مرتفع في هذه الفترة. ومن المتوقع أن تستمر هذه الزيادة في الدخل بفضل الإصلاحات الاقتصادية المستمرة والنمو في القطاعات التكنولوجية والإنتاجية.
إذا كان الدخل اليومي هو المؤشر الوحيد لتقييم الوضع الاقتصادي، فقد لا يعكس تمامًا ما يحدث في الحياة اليومية للمواطنين في تلك الدول.
على الرغم من النمو الكبير في الدخل في بعض البلدان، مثل الصين، لا يعني هذا بالضرورة تحسنًا كبيرًا في نوعية الحياة أو المساواة الاقتصادية.
في الولايات المتحدة، على الرغم من أن الدخل اليومي قد نما بنسبة 30% على مدار 30 عامًا، إلا أن هذه الزيادة جاءت في وقت تشهد فيه البلاد تزايدًا في التفاوت الاجتماعي. فالحكومة تنفق مبالغ ضخمة على النظام الصحي، ومع ذلك، لا يزال متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة أقل بنحو 4 سنوات مقارنة بالدول المتقدمة الأخرى.
تُظهر البيانات من الصين والهند والبرازيل كيف أن بعض الاقتصادات النامية قد شهدت تغييرات ملحوظة في حياة الأفراد. ففي الصين، على سبيل المثال، ارتفع الدخل اليومي ست مرات في هذه الفترة، مما يعكس تأثير سياسات النمو الاقتصادي السريع، ولكن التفاوت في الدخل لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا. وفي الهند، ورغم تحسن الوضع المالي، يظل التفاوت الاجتماعي كبيرًا، مما يعني أن التحسينات لم تطال الجميع.
وفي حين أن العديد من الدول قد حققت زيادات كبيرة في دخل الأفراد، فإن السؤال المطروح هو: هل ستستمر هذه الاتجاهات في المستقبل؟ وهل سيستفيد الجميع من هذا النمو؟
تشير البيانات إلى أن العديد من البلدان لا تزال تواجه تحديات كبيرة في توزيع هذا النمو بشكل عادل، ويبدو أن حل قضايا الفقر وعدم المساواة سيظل محورًا أساسيًا للسياسات المستقبلية.