كشفت بيانات حديثة أن استخراج طن واحد من الذهب يستهلك 80 ضعف استخراج مثيله من الفضة، مما يظهر فجوة هائلة في تكاليف تعدين الذهب والفضة، ويثير تساؤلات حول استدامة صناعة المعادن الثمينة.
وأظهرت دراسة نُشرت في أغسطس 2023، بتمويل من شركة «فيجلا سيلفر كورب» الكندية، أن استخراج طن واحد من الذهب يستهلك 20 ألف ميجاوات/ساعة من الطاقة، مقابل 250 فقط للفضة.
يأتي هذا في ظل اتجاه عالمي لخفض الانبعاثات الكربونية، حيث تُعد صناعة التعدين مسؤولة عن 4-7% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفقًا لتقرير “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
يجعل الفرق الكبير في استهلاك الطاقة التعدين من أجل الذهب أكثر تكلفة بكثير من الفضة. في المقابل، يؤدي استخراج الذهب إلى إنتاج 9,000 طن من ثاني أكسيد الكربون، بينما الفضة تنتج فقط 125 طنًا من الغاز السام.
في حين أن الذهب يتفوق في السعر – حيث يتراوح تكلفة استخراج أوقية من الذهب حوالي 1,388 دولارًا – فإن تكلفة استخراج أوقية من الفضة لا تتعدى 27 دولارًا فقط.
هذه الفجوة الضخمة بين المعدنين في تكاليف الإنتاج تجعل الفضة أكثر جاذبية في عيون الكثير من الشركات المنتجة للمعدن الثمين.
عند النظر إلى الفضة، نجد أنها تمثل بديلًا مغريًا من الناحية المالية والبيئية. رغم أن الذهب يعد أكثر قيمة في الأسواق العالمية، فإن الفضة توفر تكلفة إنتاج أقل بكثير، مما يجعلها أكثر ربحية على المدى الطويل. ويفتح هذا الباب أمام العديد من شركات التعدين التي تبحث عن أساليب أكثر استدامة وأقل تكلفة.
لكن هل يعني ذلك أن الفضة ستتغلب على الذهب؟ الإجابة قد تكون معقدة. فبجانب السعر، يجب أخذ عدة عوامل أخرى في الاعتبار، مثل الاستهلاك الصناعي للفضة، ودورها في العديد من التطبيقات التكنولوجية.
رغم التكلفة العالية لاستخراج الذهب، يظل هذا المعدن هو الأكثر طلبًا في السوق العالمية، ويرجع ذلك إلى قيمته التاريخية والرمزية.
ويعتمد المستثمرون في الغالب على الذهب كملاذ آمن للاستثمار، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية.
في هذا السياق، يظل الذهب في قمة المعادن الثمينة التي يتداولها المستثمرون والاقتصاديون في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يعكس استمرارية مكانته في الأسواق.
من الناحية البيئية، يبقى التعدين لاستخراج الذهب إحدى الصناعات الأكثر تلويثًا على كوكب الأرض.
ولعل الأثر البيئي الكبير الناتج عن استخراج الذهب يعد نقطة محورية في النقاشات العالمية حول استدامة صناعة التعدين. وفي المقابل، لا يُنتج عن استخراج الفضة هذا الكم من الغازات الضارة.
ما بين الفضة والذهب، يُظهر التحليل البيئي أن الفضة تقدم توازنًا أفضل بين الإنتاج والمخاطر البيئية، بينما يبقى الذهب يعاني تحديات كبيرة على صعيد التأثيرات البيئية رغم ارتفاع قيمته السوقية.
ما الذي يجذب الشركات للاستثمار في الفضة؟
يُظهر التقرير الذي أعدته شركة «Vizsla Silver Corp» أن الشركات تتجه بشكل متزايد للاستثمار في الفضة، بفضل تكاليفها المنخفضة وإمكاناتها الكبيرة في العديد من الصناعات.
الفضة ليست فقط أكثر ربحية، بل تقدم أيضًا فرصًا كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، حيث تُستخدم بشكل متزايد في الألواح الشمسية والبطاريات.
في نهاية الأمر، لا تقتصر المعركة بين الذهب والفضة على القيم السوقية فقط. بل تتعلق أيضًا بالقيم البيئية والمالية التي تميز كل معدن. وبالرغم من أن الذهب يظل الخيار المفضل في الكثير من المجالات، تبقى الفضة بمثابة المنافس الأقوى في السوق الحديثة التي تركز على الاستدامة.