في ظل استمرار قرارات ترامب المثيرة للجدل، بدأت الولايات المتحدة تشهد تراجعًا ملحوظًا في جاذبيتها كوجهة سياحية دولية.
فبين السياسات التجارية العدوانية والخطاب المتشدد تجاه عدد من الدول الحليفة، تتجه أنظار العالم نحو وجهات بديلة، بعيدًا عن الولايات المتحدة، ما يهدد بخسائر اقتصادية ضخمة قد تصل إلى 90 مليار دولار في عام واحد، وفقًا لتقديرات بنك جولدمان ساكس.
تشير بيانات الجمارك وحماية الحدود الأمريكية إلى أن عدد الزوار القادمين من كندا، الحليف الأقرب للولايات المتحدة، انخفض بنسبة 12.5% في فبراير و18% في مارس.
ويُعزى هذا الانخفاض بشكل مباشر إلى قرارات ترامب التي استهدفت كندا برسوم جمركية وخطاب ينال من مكانتها، بل ذهب إلى حد وصفها بـ”الولاية رقم 51″.
أما أوروبا الغربية، الحليف التقليدي لواشنطن، فقد شهدت هي الأخرى تراجعًا حادًا في أعداد الزوارK وانخفضت السياحة من بريطانيا وألمانيا بنسبة تصل إلى 29% في مارس وحده.
وبشكل عام، سجّلت السياحة الأوروبية انخفاضًا بنسبة 12%، وهو من أعلى المعدلات خارج فترات الكوارث الصحية أو الأزمات العالمية.
في مذكرة حديثة، أوضح محللو جولدمان ساكس أن التأثيرات السلبية الناتجة عن قرارات ترامب لا تقتصر فقط على الرسوم الجمركية أو قيود التجارة، بل تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال التأثير غير المباشر على الناتج المحلي الإجمالي بفعل عزوف السياح والمستهلكين الأجانب عن المنتجات الأميركية.
وقال المحللون إن المقاطعات الأجنبية للسياحة والسلع الأميركية تُشكّل “عبئًا متواضعًا لكنه ملموس” على النمو الاقتصادي في 2025، وقد تتسبب هذه العوامل مجتمعة في نمو أضعف من المتوقع للاقتصاد الأميركي في ذلك العام.
يرى مراقبون أن الضرر الذي أحدثته قرارات ترامب في علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها قد يستغرق سنوات لإصلاحه، حتى في حال تغيير نهج الإدارة.
ووفقًا لآدم ساكس، رئيس شركة اقتصاد السياحة، فإن الانخفاض في الحجوزات الفندقية أمر “ملحوظ”، ويعكس تراجع الثقة العالمية بالولايات المتحدة كوجهة ترحيبية.
رغم المؤشرات السلبية العامة، إلا أن بعض الوجهات السياحية مثل ميامي وشلالات نياجرا لم تشهد حتى الآن تراجعًا واضحًا في أعداد الزوار، لكن القائمين على القطاع هناك يعترفون بأن التأثير قد يظهر في الأشهر المقبلة.
وأشار ديفيد ويتاكر، رئيس مكتب مؤتمرات وزوار ميامي، إلى أن الموسم السياحي الشتوي لم يتأثر بشدة، لكنه لم يستبعد أن تظهر آثار قرارات ترامب في الصيف، قائلًا: “اسألني مرة أخرى في شهر مايو”.
وفي نيويورك، أشار جون بيرسي، الرئيس التنفيذي لديستنيشن نياجرا، إلى أن الكنديين لا يزالون يتدفقون لحضور فعاليات رياضية، لكنه حذر من أن أي تراجع في أعدادهم قد يُسبب تأثيرات على المدى الطويل، خصوصًا في عائدات الضرائب المحلية التي تُمول خدمات أساسية كالإطفاء والشرطة.
بات من الواضح أن قرارات ترامب لم تعد تُحدث فقط زوابع سياسية، بل أصبحت تؤثر بشكل مباشر على قطاعات اقتصادية حيوية، مثل السياحة والتجارة الدولية، وإذا استمرت هذه السياسة، فإن تداعياتها قد تمتد لسنوات مقبلة، مسببة ما يمكن وصفه بـ”كرة الثلج” التي تبدأ صغيرة لكنها تنمو بسرعة مهددة قطاعات حيوية ومجتمعات بأكملها.
وبينما تراقب الشركات الكبرى ومكاتب السياحة والمؤسسات الحكومية الوضع عن كثب، تبقى قرارات ترامب محط جدل عالمي واسع، وتثير تساؤلات متزايدة حول مدى تأثير السياسات الداخلية على صورة الولايات المتحدة عالميًا، وقدرتها على استعادة ثقة المسافر الدولي مجددًا.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك | أرخص الوجهات السياحية 2025.. وأغلاها