تُعد القمم الخليجية الأمريكية امتدادًا للشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس تعاون الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبر نموذجًا للعلاقات الدولية المتينة التي تجاوزت حدود التعاون التقليدي، لتشمل طيفًا واسعًا من المجالات الحيوية، مثل الدفاع والأمن والسياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم.
تمتد هذه العلاقة التي لعقود شهدت تطورات نوعية، تُوّجت بعقد قمم دورية رسمية تكرّس التنسيق المشترك وتعزّز المصالح المتبادلة.
في 13 مايو 2015، شهد البيت الأبيض في واشنطن انعقاد أول اجتماع رسمي مشترك بين قادة دول مجلس التعاون والرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، حيث ناقش القادة سبل توطيد العلاقات، وتناولوا القضايا الإقليمية الساخنة، وعلى رأسها الملف النووي الإيراني والتوترات الأمنية في المنطقة.
وفي اليوم التالي، 14 مايو 2015، عقدت قمة كامب ديفيد التاريخية، والتي تمخضت عن إعلان التزام مشترك نحو بناء علاقات أوثق في مختلف المجالات، وخصوصًا الدفاعية والأمنية.
تأكيدًا على الإرادة السياسية المتبادلة، استضافت العاصمة السعودية الرياض في 21 أبريل 2016 قمة خليجية-أمريكية جمعت قادة دول المجلس والرئيس الأمريكي، حيث استعرض القادة التقدم المُحرز منذ قمة كامب ديفيد، وشدّدوا على ضرورة تعزيز قدرة دول الخليج في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية، إلى جانب بحثهم لحلول جماعية لأزمات المنطقة.
ومن بين أبرز مخرجات هذه القمة، الاتفاق على إجراء تمرين عسكري مشترك في مارس 2017، وتوسيع التعاون في مجالات الأمن السيبراني، بالإضافة إلى إطلاق حوار اقتصادي على المستوى الوزاري، بما يعزز التعاون الاستثماري والتجاري.
في 21 مايو 2017، عُقدت في الرياض قمة جديدة بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشكّلت هذه القمة استمرارًا لمسيرة الشراكة المتجددة، حيث ناقش القادة التطورات الإقليمية والدولية، وعبّروا عن التزامهم المشترك بتحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب، ودعم عملية السلام في الشرق الأوسط، لا سيما القضية الفلسطينية.
كما تضمنت القمة تعهدًا بمعالجة جذور الأزمات الإقليمية، وتخفيف حدة الصراعات، وتعميق التعاون الأمني والعسكري، بما في ذلك أمن الملاحة البحرية، وضمان جاهزية الردع العسكري المشترك.
وفي يوليو 2022، ونيابة عن خادم الحرمين الشريفين، ترأس صاحب الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود “قمة جدة للأمن والتنمية”، والتي ضمّت إلى جانب دول الخليج، كلاً من الولايات المتحدة، والأردن، ومصر، والعراق.
جاءت القمة في مرحلة دقيقة من التحولات الدولية، وشكلت منصة لتأكيد أهمية الشراكة التاريخية بين الأطراف، وضرورة البناء على مكتسبات القمم السابقة لمواجهة التحديات المتعددة، من آثار جائحة كورونا إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، مرورًا بأزمات سلاسل الإمداد، وأمن الطاقة والغذاء.
وشهدت القمة دعمًا أمريكيًا لمبادرات التمويل الخليجي من خلال مجموعة التنسيق العربية، التي أعلنت عن حزمة دعم لا تقل عن 10 مليارات دولار لتعزيز الأمن الغذائي إقليميًا وعالميًا، كما أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم دعم إضافي بقيمة مليار دولار لهذا الغرض.
خلال القمم المتتالية والاجتماعات الوزارية، حافظ الطرفين على موقف موحد تجاه دعم القضية الفلسطينية، إذ أكدوا مرارًا دعمهم لحل الدولتين، وفق حدود 1967، ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وفي الاجتماع الوزاري المشترك الذي عُقد في سبتمبر 2024 في نيويورك، عبّر وزراء خارجية الجانبين عن دعمهم لجهود استعادة الهدوء في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وتوفير المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعودة إلى مفاوضات السلام.
كما شددوا على ضرورة الامتناع عن الإجراءات الأحادية، مثل التوسع الاستيطاني، وضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي للقدس، مع الاعتراف بدور الأردن الخاص في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.
يُعد التعاون الدفاعي أحد أبرز ملامح الشراكة الخليجية-الأمريكية، حيث تم إنشاء مجموعات عمل متخصصة لتعزيز التنسيق في مجالات الدفاع الجوي والصاروخي، والأمن البحري، ومكافحة الإرهاب، والجاهزية العسكرية.
ومن ضمن آليات التعاون، التأكيد على عقد تمرينات عسكرية دورية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتسهيل نقل القدرات الدفاعية المتقدمة، بما يُسهم في بناء منظومة ردع فاعلة تحمي مصالح الطرفين.
على الصعيد التجاري ترتبط دول مجلس التعاون بعلاقات تجارية واستثمارية وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما (180) مليار دولار في عام 2024
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
ما سبب اختيار “ترامب” السعودية لبدء جولته الخارجية؟
إنفوجرافيك| الفرق بين أنواع الزيارات الرسمية للرؤساء
إنفوجرافيك| بوتين وزيلينسكي يجلسان إلى طاولة المفاوضات قريبًا