عندما نذكر علم الرياضيات يبرز اسم الخوارزمي كأحد جهابذة الجبر الذي لم يكن له منافس في عصره ولكن في الواقع فإن التاريخ الإسلامي يزخر بالكثير من الأسماء في هذا المجال ومن أبرزهم ستيتة المحاملي. وبرعت ستيتة في علم الحديث والفقه والفرائض، وكانت مرجعًا للبغدادين خلال فترة حياتها التي امتدت لنحو 9 عقود.
هي ستيتة بنت الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبي المحاملي وكانت تُلقب بـ أمة الواحد بنت أبي عبدالله الحسين المحاملي، كانت فقيهة ومفتية وعالمة رياضيات ومصدر من مصادر الأحكام الشرعية في عصرها.
لا يوجد تاريخ واضح لميلادها، ولكن بالحسابات المعتمدة على عمرها المذكور في الروايات عند وفاتها وهو بضعة وتسعون عامًا، فإن تاريخ مولدها محصور بين عامي 283 هـ/ 896م و284 هـ/897 م. ونشأت في كنف أسرة عريقة في العلم والأدب ساعدتها على التميز والتفرد بفضل نسبها لعائلة المحاملي، والتي عُرفت حينئذ بتفوقها العلمي، ومن أشهرهم والدها الذي كان أول معلميها وجدها إسماعيل الضبي.
تمتعت ستيتة بمكانة علمية رفيعة وثقافة واسعة شملت عدة مجالات منها الفقه والحديث والرياضيات، وعاشت خلال فترة الخلافة العباسية في بغداد التي كانت مركزًا للإشعاع الفكري على مدار أكثر من 5 قرون. وتعد ستيتة مثالًا على أعلى الدرجات العلمية التي وصلت إليه المرأة المثقفة في العراق خلال القرن 4هـ/ 10 م.
بدأت ستيتة التحصيل الدراسي في سن مبكرة، وهو أمر كان معهودًا في المجتمع المسلم، إذ كانوا يحرصون على تلقي الفتيات العلم خصوصًا الأذكياء منهن. واستفادت كثيرًا من عِلم أفراد أسرتها ونهلت منهم كمصدر أول في الكثير من العلوم مثل القرآن والسُنة والفرائض واللغة العربية. وبانتقالها إلى المرحلة العليا من تعليمها، توسّعت ستيتة المحاملي في دراسة العلوم المختلفة وأولها الحديث وروايته وهو عِلم يتطلب مهارات محددة تتمثل في المعرفة الدقيقة بالرواة، والتحليل والمقارنة بينهم. ثم انتقلت بعد ذلك إلى دراسة الفقه وكان لأسرتها التي تخصصت في هذا المجال دورًا في اتجاهها نحوه.
ببلوغها سن الزواج، تزوجت ستيتة من ابن عمها أحمد بن القاسم بن إسماعيل المحاملي، واستمرت في طلب العلم حتى بعد الزواج والإنجاب لتبرع في علم الفرائض وتصبح المرجعية لدور القضاء في إيجاد حلول للمشكلات المتعلقة بالتركة.
لم تقتصر دراسة ستيتة على علوم القرآن والحديث والفقه والإفتاء فقط، بل اتجهت إلى علم الرياضيات وهو ما يمكن أن يرجع لتفوقها في علم الفرائض الذي يقوم بالأساس على العمليات الحسابية. وبرعت ستيتة في هذا المجال وتركت مجموعة من المسائل الرياضية والحلول المبتكرة التي تنم على إبداع عقلي يعكس عقلية العرب وتطورها في هذا التوقيت.
وبمجرد أن تيقنت ستيتة المحاملي من تمكنها العلمي واستيعابها للعلوم التي درستها، اتجهت للتدريس حتى تنشرها بين الناس وذاع صيتها وتردد عليها الطلبة والعلماء لينهلوا من علمها، وظلت كذلك حتى وفاتها في شهر رمضان من عام 377 هـ/ 987م.
اقرأ أيضًا:
روبرت بريفوست.. من هو أول بابا أمريكي للفاتيكان في التاريخ؟
إنفوجرافيك| من هو رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي اعتاد “ترامب” الهجوم عليه؟
إنفوجرافيك| القبضة الحديدية لباكستان.. من هو عاصم منير؟