في تصعيد غير مسبوق، قصفت، اليوم الخميس، قوات الدعم السريع في السودان القصر الجمهوري في قلب العاصمة الخرطوم، باستخدام مدفعية بعيدة المدى.
الهجوم، الذي انطلق من منطقة الصالحة جنوب أم درمان، طال أيضًا مقر وزارة المعادن في المنطقة الحكومية، ومع أن الهجوم لم يسفر عن إصابات، فإنه يبرز تصاعد الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في الأوان الأخير.
ويأتي استهداف القصر الجمهوري ومواقع استراتيجية في العاصمة، بعد أن أعلن الجيش السوداني في مارس الماضي «تحرير الخرطوم»، في خطوة تهدف لاستعادة السيطرة على العاصمة من قوات الدعم السريع.
في سياق متصل، أعلنت قوات الدعم السريع عن سيطرتها على مدينة النهود في ولاية غرب كردفان، وهي مدينة حيوية تربط وسط السودان بإقليم دارفور.
هذا الهجوم، الذي حال دون وصول الإمدادات العسكرية إلى معقل الجيش السوداني في مدينة الفاشر، يأتي في وقت تشهد فيه دارفور اشتباكات عنيفة بين الطرفين أسفرت عن مئات القتلى في الأسابيع الأخيرة.
وفقًا لشهود عيان، شن مقاتلو الدعم السريع هجومًا من الشمال والغرب على مدينة النهود في ساعات الصباح الباكر. ودارت اشتباكات عنيفة في المدينة، تخللها أصوات صرخات مقاتلي الدعم السريع بعد سيطرتهم على مواقع حكومية في وسط المدينة.
وفي فيديو نشرته الميليشيا عبر تلجرام، أعلنت السيطرة الكاملة على المدينة، قائلة إن «القليل من مقاتلي الجيش» في شرق المدينة قد حُوصِرُوا، متوعدةً بـ«الانتهاء منهم في ساعات قليلة».
إثر ذلك، استهدفت قوات الدعم السريع أيضًا مدينة كوستي جنوب الخرطوم بطائرات مسيرة، ما أسفر عن انفجارات قوية في المنطقة مع تصدي الجيش السوداني باستخدام المضادات الأرضية.
تعتبر مدينة النهود نقطة استراتيجية هامة، إذ تربط وسط السودان بمدينة الفاشر في غرب البلاد.
هذه المدينة، التي كانت في السابق منطقة آمنة للجيش السوداني، أصبحت الآن تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ما يهدد خطوط الإمدادات الرئيسية للجيش. فيما كانت المدينة مسرحًا لمعارك عنيفة في الأسابيع الماضية، حيث أسفرت هذه الاشتباكات عن مقتل العديد من المدنيين وتدمير العديد من البنى التحتية.
تشير التقارير إلى أن منطقة دارفور، وخاصة شمال دارفور، شهدت تصعيدًا في العنف في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، حيث بلغ عدد القتلى المدنيين 542 شخصًا، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ويستمر الصراع الدموي في تلك المنطقة في ظل التقارير التي تتحدث عن عمليات إعدام خارج نطاق القانون، حيث تم إعدام 30 شخصًا على الأقل من المدنيين في منطقة الصالحة جنوب أم درمان في الأيام الأخيرة.
هذه التصعيدات تؤكد تعقيد الوضع في السودان، حيث يعاني المدنيون من أسوأ موجة عنف منذ بداية الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
كيف ينعكس هذا الصراع على المدنيين؟
خلف النزاع المستمر منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مئات الآلاف من القتلى والمشردين. وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 13 مليون شخص نزحوا بسبب الحرب، مما جعل السودان يشهد أسوأ أزمة نزوح وجوع في العالم.
وتستمر حالة الانقسام داخل البلاد حيث يسيطر الجيش على شرق وشمال السودان، في حين تسيطر قوات الدعم السريع وحلفاؤها على الغرب ومناطق من الجنوب.
من الصعب تصور نهاية قريبة لهذا الصراع الدموي، خاصة في ظل تأكيدات الجانبين استمرار المعركة حتى تحقيق أهدافهما.
ومع تصاعد الهجمات على المدن الرئيسية في السودان، يتساءل الكثيرون حول ما إذا كانت هذه الحرب ستعيد تشكيل خريطة التحالفات السياسية في البلاد، وتُفضي إلى تغيير جذري في موازين القوة.