زار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، إيثان غولدريتش، العاصمة السورية دمشق مع بداية الأسبوع الأخير من أبريل 2025، ما يرفع احتمالية رفع العقوبات عن سوريا، حيث وصفت الأوساط السياسية الزيارة بأنها انفراجة حذرة وسط الجمود الدبلوماسي المستمر منذ سنوات.
ورغم أن الزيارة لم تُفضِ إلى اتفاق فوري، فإنها أعادت طرح السؤال الكبير: ما الذي تريده واشنطن من دمشق لرفع العقوبات؟
تعوّق العقوبات على سوريا عمل الحكومة الجديدة، فوفقًا لما نقله البنك الدولي، فإن البيانات أظهرت أن النشاط الاقتصادي السوري انكمش بشكل حاد بنسبة 84% في الفترة بين عامي 2010 و2023.
ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة، يعيش 90% من السكان في سوريا تحت خط الفقر، فيما يعاني 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
ومنذ سقوط الرئيس المعزول، بشار الأسد، تتصاعد الدعوات لرفع العقوبات عن سوريا التي تشهد أوضاعًا إنسانية صعبة، خاصة أن التعافي الاقتصادي يتطلب استثمارات عاجلة في قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة والخدمات العامة.
تشمل بعض العقوبات المفروضة على سوريا تجميد أصول الحكومة في عهد نظام الأسد والمسؤولين السوريين في الخارج، ومنع التعامل مع البنك المركزي السوري والمؤسسات المالية هناك، بالإضافة إلى حظر الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والطاقة ومنع تصدير التكنولوجيا والمعدات التي قد تستخدم في العمل العسكري.
قال الدكتور فابريس بالونش، أستاذ العلوم الجيوسياسية في جامعة ليون الفرنسية، والخبير بشؤون الشرق الأوسط إن “هناك نوعان من العقوبات على سوريا، أولها عقوبات فرضت على قادة من النظام السابق، وهي بطبيعة الحال سوف ترفع؛ لأنه لم يعد هناك ما يبررها”.
وأضاف “بالونش” في مداخلة عبر الفيديو مع شبكة “الشرق” الإخبارية: “لا تزال هناك عقوبات على هيئة تحرير الشام التي وصلت إلى السلطة الآن، وحتى إذا كانت العقوبات المباشرة على الرئيس أحمد الشرع جرى تعليقها، فالمجموعة لا تزال تصنف كمجموعة إرهابية”.
وتابع: “إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات عن هيئة تحرير الشام التي تنتمي إليها الحكومة فلن تتمكن من تحقيق التعافي الاقتصادي، خاصة عند الحديث عن العقوبات المالية، بما يشمل استثناء سوريا من نظام المدفوعات الدولية سويفت الذي تتحكم به أمريكا”.
وواصل: “تطالب الولايات المتحدة الحكومة السورية الجديدة بضمانات بأنه لن يكون هناك أسلحة كيماوية في سوريا، والتزام الحكومة بالتنسيق مع حلفاء أمريكا في جهود مكافحة الإرهاب، وهو ما قد يؤدي لرفع العقوبات عن سوريا”.
تفاوض غير معلن
رغم أن الزيارة لم تُوصَف رسميًا بأنها مفاوضات، فإن العديد من المحللين اعتبروا أنها تحمل طابعًا تفاوضيًا غير مباشر، خاصة في ظل تغيّر الأولويات الدولية، ومحاولة واشنطن خفض التصعيد في الشرق الأوسط بعد الأحداث الإقليمية الأخيرة.
كما تشير التحليلات أن الولايات المتحدة بدأت تتجاوب مع مطالب بعض حلفائها العرب، الذين يضغطون باتجاه إعادة دمج سوريا في المحيط الإقليمي، لكن وفق معايير تراعي المصالح الأمنية الأمريكية ومخاوفها الحقوقية.