تمثل قوانين العمل في مختلف دول العالم ركيزة أساسية في حماية حقوق الموظفين وتنظيم العلاقة بين العامل والمؤسسة، وهي تهدف في الغالب إلى إرساء قواعد العدالة والاستقرار، إلا أن بعضها قد يبدو في نظر كثيرين غريبًا، أو حتى غير منطقي.
في هذا التقرير نعرض قائمة تضم أغرب قوانين العمل التي تم تطبيقها في عدد من الدول، بعضها يبدو وكأنه من الخيال، والبعض الآخر يكشف أبعادًا ثقافية فريدة.
في إيطاليا، لا يحق لصاحب العمل أن يُنهي عقد الموظف فقط لأنه لم يحقق الأهداف المطلوبة أو لم يُظهر أداءً مميزًا، فبحسب القانون الإيطالي، ضعف الأداء لا يُعد سببًا قانونيًا مبررًا للفصل.
تركز قوانين العمل هناك على منح الموظف وقتًا للتأقلم والتطور داخل بيئة العمل، ويُعدّ طرد الموظف بسبب تقصير نسبي في العمل، دون وجود خطأ جسيم أو سلوك غير مهني، سببًا كافيًا لرفع دعوى فصل تعسفي.
تحظر المملكة المتحدة وأيرلندا، إجبار الموظف على العمل يوم الأحد، إلا إذا نص عقد العمل على ذلك بشكل واضح ومكتوب.
ووفقًا للتشريعات المحلية، يحق للموظف أن يرفض العمل في هذا اليوم بإشعار خطّي يقدمه قبل 3 أشهر.
كما تحدد قوانين العمل في هذه الدول عدد ساعات فتح المتاجر الكبرى أيام الأحد بست ساعات فقط، بين الساعة العاشرة صباحًا والسادسة مساءً، مما يعكس احترامًا للراحة الأسبوعية وخصوصية هذا اليوم في الثقافة الأوروبية.
من بين أكثر القوانين إثارة للدهشة، نجد القانون البلجيكي الذي يمنح الموظف حقًا قانونيًا في الحصول على إجازة لمدة عام كامل خلال مسيرته المهنية، تعرف باسم “رصيد الوقت”، وهي مدعومة من نظام الضمان الاجتماعي.
يمكن للموظف أن يستغل هذه الإجازة دفعة واحدة أو أن يوزعها على فترات متفرقة، سواء كان يعمل بدوام كامل أو جزئي، وتهدف هذه السياسة إلى تمكين الموظفين من تحقيق توازن أفضل بين حياتهم المهنية والشخصية.
أحد أغرب قوانين العمل يطبق في اليابان ما، ويعرف باسم “قانون الأيض”، الذي صدر عام 2008 لمكافحة السمنة المتزايدة في المجتمع الياباني.
ينص هذا القانون على وجوب قياس محيط الخصر للموظفين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و74 عامًا بانتظام، ويجب ألا يتجاوز محيط خصر الرجال 85 سنتيمتر، و90 سنتيمتر للنساء، وإذا تبيّن أن الموظف تجاوز هذه القياسات، يتم تحويله إلى جلسات صحية واستشارية، وقد تُغرَّم الشركات التي لا تلتزم بهذه المعايير.
تنص المادة 85 من قانون العمل في مدغشقر على حظر عمل النساء خلال فترات الليل، باستثناء الحالات التي يعملن فيها ضمن نشاط اقتصادي عائلي، ويعكس هذا التشريع رؤية تقليدية لدور المرأة في المجتمع.
تُعد الولايات المتحدة الدولة الوحيدة من بين 38 دولة عضوًا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي لا تضمن إجازة أمومة مدفوعة الأجر.
وعلى الرغم من وجود قانون يُتيح للموظفين إجازة غير مدفوعة تصل إلى 12 أسبوعًا بعد ولادة الطفل، إلا أن الضغط المالي يمنع العديد من الأمهات والآباء من الاستفادة منها.
تمنح السويد للموظف حقًا قانونيًا في التفرغ لمشروعه الخاص لمدة تصل إلى ستة أشهر، في إطار دعم ريادة الأعمال، ويجب أن لا يتعارض المشروع الجديد مع عمله السابق أو يُسبب ضررًا لصاحب العمل.
وتُظهر هذه السياسة كيف يمكن لقوانين العمل أن تلعب دورًا إيجابيًا في تعزيز الابتكار، من خلال توفير فرص مرنة وآمنة لاختبار الأفكار التجارية الجديدة.
من بين الثغرات الغريبة في قوانين العمل الأمريكية، غياب نص قانوني صريح يُحدد عدد أو مدة استراحات الحمام خلال ساعات الدوام.
تضع بعض الولايات قوانين خاصة، ولكن في معظم الحالات، يُترك الأمر لتقدير صاحب العمل، وقد تُعد استراحة “غير مصرّح بها” سببًا للفصل أو الخصم من الراتب.
في الثقافة اليابانية، يُعتبر النوم في مكان العمل، أو ما يُعرف بـ”إنيموري”، أمرًا مقبولًا بل ومحمودًا أحيانًا؛ لأن الغفوة تفسر كدليل على الاجتهاد، حيث ينام الموظف أثناء العمل نتيجة الجهد الكبير، بشرط أن يكون مستعدًا للاستيقاظ فورًا لأداء المهام المطلوبة.
في بعض الولايات الأمريكية مثل كاليفورنيا، يُعتبر استخدام شبكة “Wi-Fi” لشركة مجاورة دون إذن رسمي جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد يُواجه الشخص المتورط في هذا الفعل غرامات مالية كبيرة، أو حتى عقوبة السجن لعدة سنوات، ويُصنف هذا الفعل على أنه انتهاك لقانون الاحتيال وإساءة استخدام أجهزة الحاسوب. ويُعتبر أيضًا انتهاكًا لأخلاقيات العمل، وقد يؤدي إلى طرد الموظف في بعض الحالات.
