لطالما نُسب الفضل في صناعة أول فيلم في التاريخ للأخوين لوميير وتوماس إديسون، لكن قبل سنوات، ظهر وثائقي يدحض هذه الفكرة ويشير إلى لويس لو برنس، الرجل الذي اختفى قبل أن يتمكن من حجز مكانه في تاريخ السينما.
في 14 أكتوبر من عام 1888، اجتمعت عائلة في حديقة أحد المنازل بضاحية “راوندهاي”، مدينة ليدز، من بين هؤلاء المجتمعين رجل يُدعى لويس لو برنس، يحمل معه صندوقًا غريبًا مصنوعًا من خشب الماهوجني. طالبًا من الحاضرين أن يقفوا أمام الصندوق ويدوروا في دائرة.
كان الصندوق الذي يحمله لو برنس هو كاميرته، ولا يزال بإمكاننا حتى اليوم مشاهدة الفيلم القصير الصامت الذي التقطه.
تم تصوير هذا الفيلم قبل عدة سنوات من ظهور إديسون والأخوين لوميير على الساحة.
وُلد لويس لو برنس في مدينة ميتز، شمال شرق فرنسا، في أغسطس 1841، درس الكيمياء والفيزياء في الجامعة، ثم عمل مصورًا فوتوغرافيًا ورسّامًا قبل أن تُعرض عليه وظيفة في شركة جون ويتلي الهندسية بمدينة ليدز.
وبعد ثلاث سنوات من انتقاله إلى ليدز، تزوج شقيقة صديقه، الفنانة الموهوبة التي شاركته تأسيس مدرسة للفنون التطبيقية تُسمى مدرسة ليدز التقنية للفنون. وفي تلك الفترة بدأ التصوير الفوتوغرافي يلقى رواجًا متزايدًا، وبدأ لو برنس يُجري تجارب على فكرة “الصور المتحركة”.
وفي عام 1878، قام إدوارد مايبريدج بترتيب 12 كاميرا في صف واحد لالتقاط حركة حصان في أثناء الجري، ثم نسخ الصور على قرص دوار وابتكر جهازًا يجعل المشاهد يظن أن الحصان يتحرك.
كانت أول كاميرا اخترعها لو برنس تحتوي على 16 عدسة، ثم كاميرا ذات العدسة الواحدة، صور بها مشهد حديقة راوندهاي، ولقطات قصيرة لأشخاص وعربات تعبر جسر ليدز، ومشهد آخر لابنه أدولف وهو يعزف على الأكورديون.
نجح لويس لو برنس بالفعل في تسجيل الحركة، لكن اختراعه لم يكن ذا فائدة كبيرة إذا لم يتمكن أحد من مشاهدة الأفلام بعد تصويرها.
وبدأ يُجري تجارب على تقنيات العرض الضوئي، وكان من المقرر أن يُقيم أول عرض سينمائي علني له في نيويورك عام 1890.
لكنه لم يصل أبدًا؛ فبينما كان يزور شقيقه ألبرت في فرنسا برفقة اثنين من أصدقائه، استقل قطارًا من ديجون إلى باريس في سبتمبر من عام 1890، واختفى بعد ذلك ولم يره أحد مرة أخرى.
زوجة لويس لو برنس، ليزي، كانت تعتقد أن توماس إديسون دبّر اغتياله للتخلص منه كمنافس.
فيما يرى البعض أنه قد انتحر لأنه كان على وشك الإفلاس، أو أنه اختفى ليبدأ حياة جديدة، أو حتى أن شقيقه ألبرت قتله بسبب خلاف حول وصية والدتهما.
وهناك من ذهب أبعد من ذلك، وخمّن أن عائلته أجبرته على مغادرة المشهد بعد اكتشافهم أنه كان مثليًا.
وترى لورى سنايدر، الحفيدة الكبرى للويس لو برنس: “بما أن لويس استقل قطارًا متأخرًا، فإن عائلة ويلسون – الذين كانوا من المفترض أن يلتقوه في باريس – سبقوه وغادروا إلى إنجلترا عندما لم ينزل من القطار في الموعد المتوقع”.
وفقًا لمذكرات ليزي، فإن القطار الذي استقله لويس كان سيصل إلى باريس حوالي الساعة 11 مساءً. وبسبب تأخر الوقت، من المرجح أنه استقل عربة أجرة لتأخذه إلى ورشته.
واستنادًا على هذه المذكرات تعتقد الحفيدة لوري أن السائق استغل الظلام وساعة الليل المتأخرة، وأخذه إلى مكان ناءٍ قرب نهر السين، وضربه على رأسه ورماه في النهر. وقد نُشرت مقالتان في تلك الفترة تُشير إلى أن اللصوص كانوا يستهدفون المسافرين المنفردين، وكان لو برنس ببساطة في المكان والوقت الخطأ.
وتؤكد لوري: “لا أصدق أن رجلًا أحب عائلته كما يتضح من رسائله، قد ينتحر أو يختفي بإرادته”.