يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتقادات حادة ليس فقط من معارضيه الأساسيين من الدول الغربية، ولكن امتدت موجة الاعتراضات لتشمل الداخل الروسي. وكانت أبرز الانتقادات وفق ما نشرته مجلة “فورين بوليسي”، بعد عام من غزو أوكرانيا، موجهة إلى خطة الحرب التي انحرفت عن مسارها وليس إلى الحرب نفسها.
استمرار غير متوقع
وأشارت المجلة إلى أن الروس لم يتوقعوا استمرار الحرب لهذه المدة ومع نهاية غير محسومة، خصوصًا في ظل التوقعات الروسية بأن الحرب ستحقق أهدافها في وقت أقصر. ودعا بوتين الأسبوع الماضي، خلال خطاب ألقاه في ذكرى الحرب، الروس إلى التأهب لوقت أطول من الحرب في ظل النهاية غير وضاحة التوقيت، دون أن يذكر الأسباب وراء استمرار ما أطلق عليه “العملية العسكرية الخاصة”. وربما تكون الخسائر المادية والبشرية في صفوف القوات الروسية في أوكرانيا هي ما تسببت في موجة الانتقادات الحادة التي تتعالى ضد بوتين في هذه الفترة.
وتذهب الانتقادات التي أطلقها حلفاء بوتين، إلى أن الجيش لم يستطع الوفاء بوعود بوتين بأن تكون الحرب سريعة وناجزة، وهو ما ترتب عليه استمرارها حتى هذا الوقت وارتفاع الخسائر بالتوازي مع ذلك. ويُعتبر كل من: يفيغيني بريغوزين قائد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة، والرئيس الشيشاني رمضان قديروف، والقائد العسكري البارز إيغور جيركين، هم أبرز من وجهوا انتقاداتهم لبوتين. وفي حين أن هذه الانتقادات ربما تنطوي على مصالح شخصية، إلا أنها تُشير إلى أن الحرب لم تسر وفق الخطة الموضوعة سلفًا، وفق فورين بوليسي.
منع الإمدادات عن “فاغنر”
واتهم بريغوزين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري جيراسيموف بمنع الإمداد عن مجموعة فاغنر على حدود المواجهة في المعارك الضارية داخل مدينة “باخموت” الأوكرانية.
كما يقول رئيس مجموعة فاغنر أن قواته هي من حققت التقدم في مدينة “سوليدار” وليس القوات الروسية كما تزعم موسكو أنه أول نجاح ميداني لها منذ أشهر.
ويهدف بريغوزين من هذه الانتقادات إلى تسليط الضوء على نفسه حتى يحظى بمكانة في مجتمع السياسية، خصوصًا في ظل قربه من الكرملين، وهذا نظرًا لشعوره بأهميته بالنسبة لبوتين في الحرب وتحديدًا في هذا التوقيت.
بالإضافة إلى ذلك، يحاول رئيس فاغنر أن يقوم بأدوار تعكس مدى وطنيته مثل زيارة أسر القتلى والجرحى في الحرب، وهو ما اعتبرته الزميلة في معهد رويال يونايتد للخدمات في أوروبا جوانا دي ديوس بيريرا، بأنه “نهجًا فريدًا” لم يتوقعه الكرملين.
ويرى محللون أن السماح لرؤساء القوات المسلحة التي تعمل خارج هيكل الدولة بتولي مناصب أو دخول الكرملين أمرًا قد يهدد مؤسسات واستقرار الدولة بأكملها، وهو ما لن تسمح به النخبة في روسيا.
وتحظى هذه السلوكيات من بريغوزين بغضب كبير من بوتين نفسه والمحيطين به، على الرغم من أنها لا تمثل تهديدًا، ولكنها تزيد من قلقل موسكو، وفق المجلة.
تغييرات حاسمة
من ناحية أخرى، يرى قديروف وهو من ضمن الدائرة المقربة من بوتين أن إجراء تعديلات على خطة الحرب أمر لا بد منه، وإلا سيضطر إلى التحدث مع قيادات البلاد وشرح مدى سوء الوضع على الأرض، بحسب ما نشره على تلغرام في سبتمبر الماضي.
ويُعتبر الرئيس الشيشاني من أكبر الداعمين في الحرب سياسيًا وعسكريًا، ويساعد من خلال قواته التي يرسلها إلى أرض المعركة روسيا على إحراز التقدم.
ولكن هذه المساعدات من قبل قديروف تهدف إلى تحقيق مصالح شخصية، وفق محللة الشؤون الروسية في معهد دراسة الحرب كاترينا ستيبانينكو، فهو يرغب في توسيع نفوذه في المناطق التي تسيطر عليها روسيا.
بدوره، لا يقتنع جيركين كثيرًا بما قاله الرئيس بوتين في وقت سابق من ديسمبر الماضي بأن أوضاع روسيا في أوكرانيا جيدة.
ونسب العسكري الروسي البارز ووزير دفاع سابق في جمهورية دونيتسك الشعبية التي نصبت نفسها بنفسها ولم تحظ باعتراف دولي، إلى نفسه الفضل في الهجوم الروسي على شبه جزيرة القرم الأوكرانية الذي أسفر عن ضمها لموسكو عام 2014.