لا يخلو زيت النخيل من معظم استخداماتنا اليومية، في الطعام والصابون وحتى حبر الصحف، ويُعد أكثر المحاصيل المكروهة في العالم؛ لارتباطه بإزالة الغابات في جنوب شرق آسيا، ورغم دعوات المقاطعة، إلا أن العالم يستخدم زيت النخيل أكثر من أي زيت نباتي آخر، وبلغت الكمية المستخدمة في عام 2020 أكثر من 73 مليون طن.
في هذا الموضوع نتناول تاريخ صناعة هذا الزيت رخيص الثمن، نظرًا لأن نخيل الزيت الأفريقي، يمكنه إنتاج ما يصل إلى 10 أضعاف الزيت لكل هكتار من فول الصويا. ولكن يظهر كتاب palm oil’s history للكاتب Jonathan E. Robins أن هذه السلعة المثيرة للجدل لم تكن رخيصة دائمًا، إنما كان للاستعمار دور في هذا.
من العبودية إلى العناية بالبشرة
لطالما كان زيت النخيل غذاءً أساسياً في منطقة تمتد من السنغال إلى أنغولا على طول الساحل الغربي لأفريقيا، لكنه دخل الاقتصاد العالمي في القرن الخامس عشر على متن سفن تعمل في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.
أشار مؤلف كتاب عام 1711، إلى قيام التجار بتلطيخ جلد الأسرى بزيت النخيل لجعلها “تبدو ناعمة وأنيقة وشابة” قبل إرسالها إلى ساحة المزاد. وبحلول منتصف القرن السابع عشر، كان الأوروبيون يفركون بشرتهم بزيت النخيل.
وذكر الكتاب: “الأوروبيون تعلموا من الممارسات الطبية الأفريقية أن زيت النخيل “يقوم بأعظم العلاجات، مثل الكدمات أو الإجهاد على أجسادهم.” وبحلول تسعينيات القرن التاسع عشر، كان رجال الأعمال البريطانيون يضيفون زيت النخيل إلى الصابون بسبب لونه البرتقالي المحمر ورائحته الشبيهة بالبنفسج.
بعد أن ألغت بريطانيا تجارة الرقيق في عام 1807، سعى التجار إلى الحصول على منتجات قانونية، وفي العقود التالية، خفضت بريطانيا الرسوم الجمركية على زيت النخيل وشجعت الدول الأفريقية على التركيز على إنتاجه، وبحلول عام 1840، كان زيت النخيل رخيصًا بما يكفي ليحل محل زيت الشحم أو زيت الحوت تمامًا في منتجات مثل الصابون والشموع.
زيت النخيل والاستعمار
بحلول عام 1900، كانت هناك صناعة جديدة تلتهم جميع أنواع الزيوت: اخترع الكيميائي الفرنسي هيبوليت ميج موريس المارجرين في عام 1869 كبديل رخيص للزبدة، وسرعان ما أصبحت الدعامة الأساسية للوجبات الغذائية للطبقة العاملة في أوروبا وأمريكا الشمالية. واستخدم زيت النخيل لأول مرة لصبغ المارجرين باللون الأصفر، ولكن اتضح أنه مكون رئيسي مثالي لأنه بقي ثابتًا في درجة حرارة الغرفة وذاب في الفم، تمامًا مثل الزبدة.
[two-column]
هناك طرق أكثر عدلاً واستدامة لصنع زيت النخيل، وتشير الدراسات إلى أن تقنيات الحراجة الزراعية على نطاق صغير، مثل تلك التي كانت تمارس تاريخيًا في إفريقيا وبين المجتمعات المنحدرة من أصل أفريقي في أمريكا الجنوبية، توفر طرقًا فعالة من حيث التكلفة لإنتاج زيت النخيل مع حماية البيئة
[/two-column]
هدية ذهبية؟
عندما حصلت إندونيسيا وماليزيا على استقلالهما بعد الحرب العالمية الثانية، احتفظت شركات المزارع بإمكانية وصولها إلى الأراضي الرخيصة، ووصفت السلطات الإندونيسية زيت النخيل الناتج عن صناعتها الزراعية سريعة النمو بأنه “هدية ذهبية للعالم”.
نما استهلاك زيت النخيل مع تراجع المنافسين، وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، أدت المخاوف الصحية المتعلقة بالزيوت الاستوائية مثل جوز الهند والنخيل إلى تقويض الطلب في أوروبا وأمريكا الشمالية، لكن الدول النامية اختارت زيت النخيل للقلي والخبز.
توسعت المزارع لتلبية الطلب، وحافظت على انخفاض التكاليف من خلال توظيف عمال مهاجرين يتقاضون رواتب منخفضة وغير موثقين في كثير من الأحيان من إندونيسيا والفلبين وبنغلاديش وميانمار ونيبال، مما يعيد إنتاج بعض الممارسات التعسفية للحقبة الاستعمارية.
مقاطعة أم إصلاح؟
توصل تحقيق أجري عام 2019 بشأن شركة واحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى وجود ظروف خطيرة وممارسات عمالية مسيئة تعكس مشاريع زيت النخيل في الحقبة الاستعمارية.
تلقت الحيوانات المهددة بالانقراض المزيد من اهتمام الصحافة، ووفقًا للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، فإن إزالة الغابات الاستوائية لمزارع نخيل الزيت يهدد ما يقرب من 200 نوع معرض للخطر، بما في ذلك إنسان الغاب والنمور وفيلة الغابات الأفريقية.
هناك طرق أكثر عدلاً واستدامة لصنع زيت النخيل، وتشير الدراسات إلى أن تقنيات الحراجة الزراعية على نطاق صغير، مثل تلك التي كانت تمارس تاريخيًا في إفريقيا وبين المجتمعات المنحدرة من أصل أفريقي في أمريكا الجنوبية، توفر طرقًا فعالة من حيث التكلفة لإنتاج زيت النخيل مع حماية البيئة.