بعد مرور شهر فقط على تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، تلوح في الأفق تغييرات جذرية قد تجعل من عام 2025 عامًا يسجله التاريخ كنقطة تحول بارزة، فالتطورات السياسية، لا سيما في الولايات المتحدة، قد تعيد تشكيل النظام العالمي بطريقة غير مسبوقة.
ويبقى السبب الرئيسي وراء هذه التغيرات هو ترامب، الذي أعاد تعريف السياسة الأميركية وأثر في العلاقات الدولية بطريقة لم تشهدها العقود الماضية.
ترامب يمزق المعايير العالمية
منذ الحرب العالمية الثانية، التزم رؤساء الولايات المتحدة بثوابت جيوسياسية، مثل حماية أوروبا من النفوذ الروسي وضمان استقرار آسيا في مواجهة الصين، لكن ترامب قلب هذه المعادلة، معلنًا أن “أميركا أولًا” هي الأولوية المطلقة، بغض النظر عن تأثير ذلك على الحلفاء التقليديين.
هذا النهج، الذي يبدو للوهلة الأولى وطنيًا، ألقى بظلاله على توازن القوى العالمي، وقد يغير التحالفات العالمية التي استمرت لعقود.
ترامب بين دعم بوتين ومهاجمة زيلينسكي
لم يخفِ ترامب إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل أبدى تفهمًا لموقف موسكو في حرب روسيا وأوكرانيا، وقد تعهد بإنهاء الحرب بحلول عيد الفصح، وهو وعد يبدو مغريًا للكرملين، فالقوات الروسية تحقق تقدمًا في الشرق الأوكراني، لكن بتكلفة بشرية هائلة، مما يجعل إنهاء الحرب مصلحة استراتيجية لبوتين.
في المقابل، تعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لهجمات حادة من ترامب وحلفائه، الذين صوروه كشخصية ضعيفة ولا تمتلك الكفاءة، ويبدو أن الضغط على زيلينسكي جزء من خطة ترامب لدفعه إلى طاولة المفاوضات بشروط أميركية تتماشى مع مصالح روسيا، وإذا نجح في فرض تلك التسوية، فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات جذرية في موازين القوى العالمية.
التداعيات الأوروبية والاستياء الدبلوماسي
السياسة الخارجية لترامب لم تمر دون ردود فعل غاضبة، خصوصًا في أوروبا، فقد أبدى دبلوماسيون بريطانيون وألمان استياءهم من استراتيجياته، مشيرين إلى أنه كان بإمكانه الضغط على بوتين للحصول على تنازلات كبرى، لكنه بدلاً من ذلك أتاح له فرصة التفاوض من موقع قوة.
كما أن رفض ترامب دعم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي كان بمثابة هدية مجانية لروسيا، ما جعل حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين يشعرون بقلق متزايد حول مستقبل الأمن الأوروبي.
إن سياسة ترامب تجاه أوروبا وأوكرانيا تعكس نهجًا فرديًا يختلف جذريًا عن أسلافه، وقد يؤدي إلى تصدع العلاقات في حلف شمال الأطلسي”ناتو”.
ترامب ومخاوف الصين والتصعيد الاقتصادي
إلى جانب التوترات مع أوروبا، قد تؤدي سياسات ترامب إلى تفاقم النزاع مع الصين، فتصريحاته حول التجارة العالمية توحي باحتمال نشوب حرب تجارية كبرى قد تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي.
وإذا استمرت سياساته الراهنة والتي ينوي إضافة العديد من الخطوات إليها، فقد يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقف أضعف اقتصاديًا وسياسيًا من أي وقت مضى.
عام 2025 .. علامة فارقة في كتب التاريخ
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن عام 2025 قد يصبح عامًا محوريًا في التاريخ السياسي والاقتصادي للعالم. فإذا نجح ترامب في فرض سياساته، فقد نشهد تغييرات كبرى، بدءًا من إعادة ترتيب التحالفات الدولية، وصولًا إلى قرارات اقتصادية قد تؤدي إلى ركود عالمي.
لكن قوة ترامب ليست بلا حدود، فبحلول نوفمبر 2026، قد يفقد الجمهوريون السيطرة على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي، مما قد يحد من نفوذه.
كما أن تصاعد التضخم داخل الولايات المتحدة قد يجعل الناخبين يعيدون النظر في دعمهم له، مما قد يعيد التوازن إلى المشهد السياسي الأميركي.
مهما كانت نتيجة هذه التحولات، فإن عام 2025 سيظل عامًا يحمل في طياته احتمالات غير مسبوقة، وإذا استمر ترامب في نهجه الحالي، فقد يكون هذا العام علامة فارقة في كتب التاريخ، حيث ستتحدد ملامح المستقبل السياسي والاقتصادي للعالم بأسره.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
إنفوجرافيك| مظاهر تحول السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أوكرانيا
بعد اللقاء التشاوري في الرياض.. ما ملامح مقترح إعادة إعمار غزة؟
جنازة حسن نصر الله.. تفاصيل مراسم التشييع وأبرز الحضور