سجلت المرأة في الدولة السعودية الأولى بطولات باسمها في تاريخ تأسيس المملكة التي نعرفها اليوم، فأصبحت شريكًا أساسيًا في قيام ذلك الصرح السياسي الذي غيّر مجرى التاريخ.
وفي ذكرى الاحتفال بيوم التأسيس، نستعرض مساهمات المرأة في الدولة السعودية الأولى خلال الفترة من 1139 إلى 1233 هجرية.
علامات بارزة في تاريخ الدولة السعودية الأولى
يخلّد التاريخ ذكر سعوديات كثر عشن خلال تلك الحقبة، منهن موضي بنت سلطان أبو وهطان من آل كثير من بني لام، زوجة الإمام محمد بن سعود، التي ولدت في أوائل القرن الثاني عشر الهجري.
وإضافة إلى نظرتها الثاقبة ورؤيتها الحكيمة، كانت موضي بنت أبو وهطان متدينة تحب الإحسان إلى المساكين ونفع عموم المسلمين.
ومن النساء اللائي سجلن دورًا بطوليًا في مجتمع الدولة السعودية الأولى، غالية بنت عبد الرحمن، من قبيلة البقوم.
ذکر جوهان لودفيج بورکهارت في مذكراته أنها كانت أرملة لرجل كان من زعماء قبيلة البقوم، ومن المرجح أن يكون ميلادها في الربع الأخير من القرن الثاني عشر الهجري.
أشار بوركهارت إلى أنها سيدة معروفة بسـداد الرأي، والمعرفة الدقيقة بأمور الحرب، وشؤون البادية التي تحيط بها.
كانت غالية البقمية من مناصري الدولة السعودية الأولى ومؤيديها، وقد سخرت ثروتها وأملاكها لخدمة المدافعين عن الوطن والتصدي لحملات الدولة العثمانية المعتدية، كما عرفت أيضًا بالكرم، وكان بيتها مقصدًا للمحتاجين والفقراء وملجأ لرجالات الدولة السعودية الأولى المخلصين.
صفات المرأة في الدولة السعودية الأولى
رُبّيت المرأة في الدرعية وربت أبناءها على الشجاعة، فهي مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لها، فالمصادر التاريخية تشير إلى أن المرأة تشارك الرجل أحياناً وتنافسه في إجارة الخائف.
ويسمى ذلك العـرف فـي نجـد بـ”الدخالة”، حيث تقوم المرأة بحماية الدخيل سواء دخل عليها في بيتها أو في مرعاها.
ومن أبرز العادات والتقاليد لدى المرأة الكرم، ومن أبرز الأمثلة للنساء اللاتي اشتهرن بكرمهن وإيوائهن لعابري السبيل جليلة بنت الأمير عبدالمحسن بن سعيد الدرعي، حيث أقامت استراحات وخانات للحجاج المارين بحجر اليمامة ليرتاحوا بها مؤقتًا من عناء السفر ويتزودون من الطعام والشراب.
واعتادت الزوجة بأن تكون هي المتصرفة في شؤون البيت ويكون وضع السكن مبنيًا على حالة الزوج المادية، وعادة ما تكون الأعمال المنزلية لدى نساء الدرعية متشابهة، حيث يقمن بتنظيف البيت وترتيبه وغسل الملابس وحياكتها، كذلك تربية بعض المواشي والدجاج والطيور والاستفادة منها، وإرضاع صغار الماشية وجمع الحطب وتقطيعه من أجل إعداد الطعام.
أزياء النساء في الدرعية
استخدمت النساء في الدرعية المنسوجات القطنية لصنع ملابس الأهالي حيث كانت الصناعات اليدوية في مراحلها البدائية.
كانت نساء الدرعية يرتدين عادة نوعين من الثياب الأول ثوب او قميص يسمى الكرباس وهو مصنوع من القطن ويفضلن اللونين الأخضر والأسود، ويجلب لهن من نواحي الأحساء والقطيف والبحرين وجوانب اليمن، والثاني ثـوب مصنوع من الحرير عالي الجودة بألوان متعددة.
ذكر “الريكي” في كتابه “لمع الشهاب” أن الإمام عبد العزيز بن محمد كان يلبس زوجاته الكرباس الأسود، كمـا يلبسن أيضًا الخـز الأحمر الذي يجلب لهـن من أطراف حلب وبغداد.
ومن الأزياء لدى نساء الدرعية العباءة القيلانية وتلبس عادة عند الخروج أو عند الضيافة، وهي تصنع بنسبة محدودة في الدرعية والأحساء، ولكنها في الغالب تجلب مـن العراق.
دور المرأة الثقافي
تهيأت للدرعية بصفتها عاصمة الدولة عوامل جذب سياسية وعلمية واقتصادية وغيرها ساهمت في زيادة عدد سكانها، وقد كان الجانب العلمي من أكثر جوانب الجذب فيهـا، مما أسهم بوجود تعليم تثقيفي مبني على التلقين.
أشارت بعض المصادر والمراجع إلى تعليم المرأة في الدولة السعودية الأولى بالدرعية، لحرص أئمة الدولة على تثقيفهن وتعليمهن أصول الدين.
بنى الإمام محمد بن سعود مسجدًا كبيرًا في الدرعية كانت تُلقى فيه الدروس علـى الرجال والنساء صباحًا ومساءً.
وواصل أئمة الدولة بعد الإمام محمد بن سعود تثقيف العامة خصوصًا النساء، حيث بنى الإمام عبدالعزيز حول مسجد البجيري مجمعًا جعل فيه قسمًا للنساء يلقي فيه الفقهاء دروس العلم والمعرفة، فهناك من نساء الدرعية من تعلمن القراءة والكتابة، ونبغن في العلم، وأتقن الخط.
دور المرأة الاقتصادي
تبلور الوضع الاقتصادي للمرأة في الدرعية على سد الحوائج وتوفير الضروريات على الرغم من وجود بعض الصناعات والمهن الرجالية والمنتجات الزراعية التي أسهمت في ازدهار التجارة والاقتصاد محليًا وخارجيًا، مثل صناعة البنادق وبعض الأسلحة المحلاة بالذهب والفضة، وبيع التمور والألبان والصناعات الحرفية والجلدية وبعض المنسوجات القطنية والصوفية والملابس وغيرها وبيعها في الأسواق.
وقد كان السوق في الدرعية “سوق الموسم” عبارة عن دكاكين أو مباسط صغيرة، وقد أشار ابن بشر في كتابه “عنوان المجد في تاريخ نجد” إلى ازدهار التجارة والبيع والشراء في الدرعية في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز، وذكر بأن هناك موسم للرجال في جانب وموسم للنساء في جانب.
ووضعت بعض النساء دكاكين صغيرة في منازلهن لبيع بعض الاحتياجات اليومية، وبعضهن حملن بضائعهن علـى رؤوسهن ومررن على بيوت الميسورين لبيع منتجاتهن، وقد عرفـن هـؤلاء النساء المتجـولات بـ”الدلالة أو الجلابة”.
ومـن الأنشطة الاقتصادية التي زاولتها المرأة الزراعة ، ولكن في نطاق محدود لأن بعض الأمور تكون من اختصاص الرجل كالحرث والسقي وغيرها.
وزاولت المرأة في الدرعية خياطة الملابس من المنسوجات القطنية والصـوف المستورد من المراكز التجارية القريبة.