فن

ماذا نعرف عن النجمة الكورية «كيم سايرون»التي عُثر عليها ميتة في شقتها؟

أثار العثور على الممثلة الكورية كيم سيه-رون ميتة داخل منزلها في العاصمة سول، أمس الأحد، صدمة واسعة في الأوساط الفنية، إذ جاءت وفاتها بعد نحو عامين من تراجعها عن الأضواء عقب إدانتها بحادثة قيادة تحت تأثير الكحول.

وأوضحت الشرطة، وفق ما نقلته وكالة «يونهاب» وصحيفة «Korean Herald»، أن صديقًا للممثلة البالغة من العمر 24 عامًا عثر على جثتها عند الساعة 4:55 مساء، بتوقيت الكورية (11:55 صباحًا بتوقيت مكة المكرمة)، بعد أن قصد منزلها في حي سيونجدونج، حيث كانا على موعد، وحين لم تجبه، اضطر للدخول ليجدها ميتة، قبل أن يبلغ السلطات.

وأكدت التحقيقات الأولية عدم وجود شبهة جنائية، فيما تستمر التحريات لتحديد ظروف الوفاة.

ومنذ الإعلان عن رحيلها، عجّت وسائل التواصل الاجتماعي بتعازي زملائها ومحبيها، وسط استعادة لمسيرتها الفنية التي بدأتها طفلة في التاسعة من عمرها، حين ظهرت في فيلم «A Brand New Life» عام 2009، لتلفت الأنظار حتى وصلت مشاركتها إلى مهرجان كان السينمائي.

وتألقت بعدها في أعمال حققت نجاحًا، أبرزها «The Man from Nowhere (2010)»، و«The Neighbors (2012)»،و«A Girl at My Door (2014)». كما كان آخر ظهور لها في مسلسل «Bloodhounds» عبر منصة «نتفليكس» عام 2023.

كيف أثرت حادثة القيادة تحت تأثير الكحول على حياتها؟

رغم ذلك المشوار اللافت، واجهت كيم نكسة كبرى في مايو 2022، حين تورطت في حادث اصطدام أثناء القيادة مخمورة، أسفر عن أضرار مادية جسيمة. وأدى ذلك إلى إدانتها لاحقًا في أبريل 2023، إذ غرّمتها محكمة في سول بنحو 14 ألف دولار.

وقدمت الممثلة حينها اعتذارًا مكتوبًا، نشرت فيه عبر حسابها على إنستجرام، قائلة: «تسببت في أذى لكثير من الأشخاص، وكان يجب أن أتصرف بمسؤولية أكبر». لكنها رغم ذلك، انسحبت تدريجيًا من المشهد الفني، متجنبة الظهور العام.

وتسببت تلك الواقعة في تعطل مشاريعها الفنية وخسارتها عقودًا إعلانية، حيث يعاني الفنانون في كوريا الجنوبية من معايير صارمة تجاه السلوك الشخصي. ورغم عدم سجنها، فإن أثر الحادث بدا أعمق من العقوبة القانونية، إذ انسحب على حياتها المهنية والنفسية.

ما دلالات وفاتها في ضوء أزمات الوسط الفني الكوري؟

سلطت وفاة كيم الضوء مجددًا على الضغوط الهائلة التي تواجه نجوم الفن في كوريا الجنوبية. إذ شهدت الأعوام الأخيرة سلسلة وفيات لشباب من الوسط الفني، ارتبطت في كثير منها بظروف نفسية صعبة، منها مغني فرقة «ASTRO» مون بين (25 عامًا) عام 2023، والمغنية والممثلة سولي (25 عامًا) عام 2019، وعضو فرقة «SHINee» جونج هيون (27 عامًا) عام 2017.

هذه الحالات المتكررة دفعت شركات الإنتاج إلى تحسين برامج الرعاية النفسية، حيث وفرت بعض الوكالات خدمات استشارية وجدولت أوقات الراحة، لكن مراقبين يشيرون إلى أن بيئة العمل في المجال الفني لا تزال شديدة القسوة، وفق ما نقلته شبكة «سي إن إن». إذ يُطلب من الفنانين الكوريين المثالية في المظهر والسلوك، تحت تهديد انتقادات الجمهور ووسائل الإعلام، ما يترك أثرًا نفسيًا ثقيلًا.

كيف ودّعها زملاؤها؟

مع انتشار نبأ وفاتها، قدم فنانون كوريون تعازيهم، حيث نشرت الممثلة كيم أوك-بين صورة لزهرة أقحوان بيضاء، رمز الحداد في الثقافات الآسيوية، معلقة: «فلترقدي بسلام». بينما شارك الممثل كيم مين-تشي صورة من فيلم «The Neighbors»، وكتب: «كنت سعيدًا بلقائك كابنتي في الفيلم. فلترقدي بسلام».

في حين أظهرت ردود الجمهور حزنًا ممزوجًا بأسى على مستقبل موهبة شابة أطفأتها العزلة والضغوط. ولاقى منشورها الأخير على إنستجرام – صورة لها نشرتها في يناير الماضي – أكثر من 205 آلاف إعجاب، رغم تعطيل التعليقات.

ما خلفية بداية شهرتها؟

ولدت كيم سيه-رون في 31 يوليو 2000، وبدأت رحلتها الفنية مبكرًا، لتبرز كأحد وجوه السينما الكورية الواعدة. حصدت الثناء على أدائها الحساس في «A Brand New Life»، الذي رصد تجربة طفلة تُترك في دار أيتام، كما تألقت في أدوار ناضجة لاحقًا، منها بطولتها لمسلسل «Secret Healer».

هذا النجاح أتاح لها فرصًا عالمية، إذ مثلت السينما الكورية في مهرجانات دولية، بينها «كان»، ما جعلها من الممثلات القليلات في جيلها اللاتي لفتن الأنظار عالميًا.

إلى أين يتجه النقاش بعد وفاتها؟

يرى نقاد، وفق تقرير لـ«بي بي سي»، أن وفاة كيم ربما تعيد تحريك النقاش حول واقع صناعة الترفيه في كوريا الجنوبية، التي رغم بريقها، تخفي وراء الكواليس صراعًا نفسيًا لكثير من النجوم الشباب. فبين ضغط الحفاظ على صورة مثالية، وتدقيق الجمهور، وقلق تراجع الشعبية، يقع الفنانون أسرى دوامة نفسية.

ورغم إجراءات دعم الصحة النفسية، ما تزال الحوادث تتكرر، ما يطرح تساؤلات عن مدى فاعلية هذه البرامج، وسط دعوات إلى إعادة النظر في نمط إدارة المواهب، ليكون أكثر إنسانية.

في النهاية، تبقى وفاة كيم سيه-رون قصة حزينة تضاف إلى سلسلة مآسٍ تشهدها ساحة الترفيه الكورية، لتلقي بظلال ثقيلة على مسيرة بدأت بآمال واعدة، لكنها انتهت في عز شبابها، خلف أبواب منزلها المغلق في سول.