علوم

الهجرات البرية الأطول.. ملحمة الطبيعة المستمرة

تشهد الأرض واحدة من أروع الظواهر الطبيعية مع كل موسم هجرة، حيث تقطع بعض الحيوانات البرية مسافات تفوق ألف كيلومتر في رحلاتها بين مناطق التكاثر، والمراعي الآمنة، وأماكن المأوى.

وأظهرت دراسة علمية نُشرت عام 2019 تحت عنوان «الهجرات الأرضية الأطول وحركات الحيوانات حول العالم»، وقادها الباحث «جولي ك»، أن الكاريبو يقف في صدارة الحيوانات البرية التي تقطع أطول المسافات البرية.

وتمكنت الدراسة من توثيق أطول رحلة هجرة برية بلغت 1350 كيلومترًا لقطعان الكاريبو التي تسافر بين التندرا القطبية الشمالية والغابات بحثًا عن موارد غذائية أفضل وأماكن تكاثر آمنة.

وليست هذه الهجرات مجرد ظاهرة عابرة، بل استراتيجية بقاء تعتمدها الحيوانات لتجنب الافتراس والتعامل مع التغيرات الموسمية.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في الكشف عن مدى ارتباط النظام البيئي بحركات هذه الحيوانات. فمن خلال تتبع مسارات الهجرة البرية، يمكن فهم أعمق للعلاقة بين الأنواع وبيئاتها، وهو أمر حيوي للحفاظ على التنوع البيولوجي.

كيف تمت دراسة الهجرات البرية؟

اعتمدت الدراسة، التي استمرت لنحو 37 سنة، وأجريت بين عامي 1980 و2017، على قياس المسافات بين نقاط بداية ونهاية الرحلات بشكل دقيق باستخدام الخط المستقيم، دون أخذ التضاريس أو العوائق في الحسبان.

تم تحليل البيانات لأكثر من 12 نوعًا من الحيوانات البرية، واعتمدت على مصادر موثوقة ودراسات ميدانية دقيقة، وينما تتصدر الكاريبو القائمة بـ1350 كيلومترًا، وجاءت الرنة في المرتبة الثانية بقطع مسافة 1200 كيلومتر، واحتلت الذئاب الرمادية المركز الثالث بواقع 1016 كيلومترًا، تلتها الغزلان البغلية بمسافة 772 كيلومترًا.

رغم ذلك، أظهرت الدراسة أن الذئاب الرمادية تُعد الأكثر حركة على مدار العام. فعلى الرغم من أن مسافات هجرتها أقل، فإن نشاطها المستمر يجعلها تتفوق في الحركة الإجمالية.

ما أهمية هذه الظاهرة للحفاظ على التوازن البيئي؟

تمثل الهجرات البرية رابطًا أساسيًا بين الحيوانات وبيئاتها الطبيعية. فهي تساهم في توزيع الموارد الغذائية وتقليل الضغط على الأنظمة البيئية. ومع ذلك، تواجه هذه الظاهرة تحديات كبيرة بسبب التغير المناخي وتدمير المواطن الطبيعية نتيجة النشاط البشري.

وتظهر حيوانات مثل الكاريبو قدرة هائلة على التكيف مع التغيرات المناخية والبيئية، ما يجعلها رمزًا للصمود. ومع ذلك، فإن تزايد المخاطر مثل إزالة الغابات والحواجز الطبيعية والاصطياد الجائر يهدد استمرارية هذه الظاهرة الفريدة.

وتقدم الدراسة تقدم تحذيرًا واضحًا حول أهمية حماية مسارات الهجرة البرية. فإذا اختفت هذه المسارات، فإن ذلك سيؤدي إلى اضطرابات خطيرة في النظم البيئية. لذا، ينبغي للحكومات والباحثين أن يعملوا على وضع استراتيجيات لحماية هذه الكائنات ومساراتها.