عاد التوتر من جديد إلى جنوب لبنان بعد انتهاء الهدنة التي استمر لمدة 60 يومًا، يوم الأحد الماضي، خصوصًا بعد توجه العديد من الأهالي إلى بلداتهم التي خالف الجيش الإسرائيلي بنود الهدنة بعدم الانسحاب منها. وكان البيت الأبيض أعلن مساء أمس الأحد، تمديد مدة وقف إطلاق النار حتى 18 فبراير المقبل.
وتسببت تلك الخطوة في مقتل نحو 25 وإصابة 124 آخرين برصاص جيش الاحتلال، خلال محاولاتهم العودة إلى منازلهم. وكان جيش الاحتلال طالب السكان بالانتظار وعدم العودة إلى ديارهم في الوقت الحالي. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اليوم الإثنين، إن جيش الاحتلال مستمر في نشر قواته تدريجيًا في عدة مواقع بجنوب لبنان بهدف التمكين الفعال للجيش اللبناني وتفكيك وإبعاد حزب الله بعناصره وبنيته التحتية.
وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يتم تنفيذه، ولكن هناك بعض المناطق التي تتطلب مزيد من الوقت قبل الانسحاب بهدف قطع الطريق على حزب الله بترسيخ قوته ميدانيًا. كان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال الذي تم الاتفاق عليه في نوفمبر الماضي، ينص على انسحاب جيش الاحتلال من جنوب لبنان وإبعاد حزب الله عن المنطقة بعد أن يتم نشر الجيش اللبناني لقواته خلال 60 يومًا التي انتهت يوم الأحد.
لماذا عاد التوتر إلى جنوب لبنان؟
يقول الباحث الأمني والعسكري، خليل الحلو، أن الجيش اللبناني لديه ما يكفي من الموارد البشرية والفنية والتقنية والتكتيكية للانتشار في كامل جنوب الليطاني كما نصر اتفاق 27 نوفمبر الماضي. وإذا لم يحدث هذا الانتشار حتى الآن، على الأقل في المناطق التي لم تكن تحت الاحتلال الإسرائيلي، فهذا يعود إلى الخلافات السياسية القائمة في لبنان وعدم وضوح ما إذا كان حزب الله انسحب من لبنان حتى الآن أم لا.
وأضاف خلال مداخلة في برنامج “هنا الرياض” المُذاع على قناة الإخبارية، أن السلطة اللبنانية لم تصدر أي بيانات وكذلك حزب الله توضح ما إذا كان الأخير انسحب فعلا من هذه المنطقة، وكل ما ورد من معلومات كانت من جانب قوات اليونيفيل التي كانت تدل الجيش اللبناني على بعض مخازن الأسلحة الموجودة في هذه المنطقة. وتابع الحلو: “الإرادة الأمنية الحكومية مع الرئيس المنتخب الحالي والحكومة المقبلة إذا كانوا يريدون فعلا تنفيذ القرار وهو ينص على مسؤولية الحكومة اللبنانية للتنفيذ وإعطاء الجيش اللبناني التعليمات الكاملة للتنفيذ، وهذا حدث ولكن بشكل جزئي”.
وأوضح: “القرى التي يعود إليها الناس الآن لها رؤساء بلديات وكان يجب على السلطة والجيش اللبناني التواصل مع كل هؤلاء لتنظيم العودة حتى لا يسقط قتلى مثلما حدث أمس وهذه مسؤولية كبيرة تتحملها السلطة اللبنانية بالكامل مع الأجهزة”. وفيما يتعلق بالحجج الإسرائيلية لإعادة نشر قوات الاحتلال، قال الحلو إنه لا يمكنه التذرع بذلك لكي لا تنسحب، لأن اتفاق وقف إطلاق النار ينص على انسحاب الجيش الإسرائيلي، وأشار إلى أنها ليست المرة الأولى ينتهك فيها جيش الاحتلال الهدنة، كما أنه استهدف مراكز لحزب الله ما أسفر عن عدد من القتلى أيضًا.
واستكمل الحلو: “الوضع الجيوسياسي غير المستقر في سوريا واحتلال الجيش الإسرائيلي لمناطق جديدة هناك غير الجولان، وهو مناطق يحدها من الغرب القطاع الشرقي من جنوب لبنان، ولذلك كان هناك شكوك لدى بعض المراقبين من أن الاحتلال بن سنحب من هذه المناطق نظرًا للوضع غير المستقر في سوريا”.
فوضى العودة إلى جنوب لبنان
يقول الحلو إن الطريقة الفوضوية لعودة النازحين إلى جنوب لبنان مع أعلام حزب الله تؤكد أن العملية كانت منظمة من قِبل حزب الله وهو يحاول استثمار هذه العودة التي تم تصويرها بأنها بطولية، للحصول على مكاسب سياسية في الحكومة المقبلة، كما يحاول تعويم معادلة الشعب والجيش والمقاومة وهو أمر مرفوض من معظم اللبنانيين، وبالتالي هذا الحديث من قِبل حزب الله يسعى لتقليب الرأي العام حوله، وهذا يضع بعض العقبات أمام تشكيل الحكومة الجديدة.
وأضاف: “الجيش الإسرائيلي دمر قدرات كبيرة لحزب الله، ولكن الجميع يعرف أن حزب الله ليس لديه قابلية لفتح معارك جديدة مع إسرائيل، وبالتالي الهدف الذي تبحث عنه إسرائيل في شمال الأراضي المحتلة وهو عودة الأمن تحقق بالفعل، ولذلك لا داعي لهذه الحجج من قِبلها”.
هل يتواجه حزب الله والاحتلال؟
أشار الحلو إلى أن الجيش اللبناني أصدر بيانًا أمس الأحد، إلى المواطنين يحثهم فيه على عدم العودة إلى قرى الجنوب، إلا بعد إعطائهم الضوء الأخضر، بسبب احتمالية وجود ألغام وقذائف متفجرة ومبان خطرة وغيرها. وفيما يتعلق بإمكانية المواجهة المحتملة مع إسرائيل غير مطروحة لا من الجانب اللبناني أو حزب الله، بحسب قوله، مؤكدًا أن الجيش اللبناني لم يتوجه إلى الجنوب إلا من أجل حفظ الأمن ولتطبيق القرار الدولي بغطاء عربي ودولي وليس القيام بعمليات حربية.
اقرأ أيضًا: لماذا أجَّل الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان؟