صحة علوم

لماذا تنبعث من المعدن رائحة نفاذة؟

تكشف الأبحاث العلمية أن الرائحة المعدنية التي نربطها عادة بالمعادن ليست ناتجة عن المعدن نفسه، بل هي في الواقع رائحة تنتج عن تفاعل الزيوت والعرق على الجلد عند ملامسته للمعادن

وأثبتت دراسة علمية قصيرة، نُشرت عام 2006 هذه الحقيقة، موضحة كيف أن هذه الرائحة تتولد نتيجة تفاعل الجسم مع المعادن وليس بسبب خصائص المعدن نفسه، فعندما يلامس الجلد المعادن، مثل الحديد، يبدأ تفاعل كيميائي ينتج عن ذلك مركبات عضوية طيارة تُنتج هذه الرائحة المميزة، فيختلط العرق والزيوت الموجودة على الجلد مع المعادن ويؤديان إلى تكوين روائح يمكن أن نشعر بها.

وتعد هذه المعلومة مهمة ليس فقط لفهم الطريقة التي يمكن أن ينتج بها هذا النوع من الروائح، بل تكشف أيضًا كيف أن الجسم البشري يتفاعل بشكل معقد مع البيئة المحيطة به.

ففي الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة «فيرجينيا تك»، عام 2006، لاحظوا أن الأشخاص الذين لمسوا الحديد شعرت بشرتهم برائحة معدنية فورًا، وهي رائحة كانت ناتجة عن تفاعل العرق مع المعدن، ولكنهم لم يلاحظوا هذه الرائحة عندما كان الحديد مجرد مادة نقية بدون العرق.

كيف تفسر هذه الرائحة؟

بناءً على الدراسة نفسها، أوضح الباحثون أن الرائحة التي يشعر بها الإنسان عند ملامسة المعدن ليست ناتجة عن وجود ذرات حديد في الهواء، بل هي نتاج تفاعل المعدن مع المركبات العضوية على الجلد، التي تشمل الأحماض الأمينية والزيوت الطبيعية التي تفرزها البشرة.

على سبيل المثال، تم التعرف على مركب كيميائي يسمى «أوكتينون» الذي يشبه رائحة الفطر المعدني، والذي يتكون نتيجة لهذا التفاعل. تقول الباحثة أندريا ديترتش من جامعة «فيرجينيا تك»، إن «هذه الروائح التي يعتقد الناس أنها رائحة معدنية هي في الواقع ناتجة عن التفاعلات بين المعدن وجلد الإنسان».

هل تتشابه رائحة المعادن مع طعم الدم؟

هذه الملاحظة قد تفسر أيضًا لماذا يمكن للإنسان أن يشعر بمذاق معدني عند وجود الدم. يعود ذلك جزئيًا إلى وجود الهيموجلوبين، وهو بروتين غني بالحديد يوجد في الدم، ولكن الرائحة المعدنية تأتي في الغالب من التفاعل بين الحديد في الدم وسوائل الجسم الأخرى مثل اللعاب.

وتعد هذه التفاعلات أيضًا سببًا في الشعور بمذاق معدني بعد جروح أو إصابات.

لماذا نشعر بهذه الروائح؟

أظهرت الدراسة نفسها أن الإنسان يمكنه اكتشاف مركب «أوكتينون» في تركيزات منخفضة تصل إلى خمسة أجزاء في التريليون.

ويشير هذا إلى أن البشر قد تطوروا ليصبحوا حساسين للغاية لهذا المركب، وهو ما قد يكون له دور مهم في تحذير الإنسان من الإصابات أو وجود تهديدات بيئية، مثل الحيوانات المفترسة أو الفريسة.

إن قدرتنا على رصد هذه الروائح يمكن أن تكون قد ساعدت في تعزيز فرصنا للبقاء على قيد الحياة، من خلال تحفيز ردود فعل سريعة عند حدوث إصابات أو مواقف خطرة.