سياسة

إيطاليا تحت قيادة ميلوني: هل يمكن أن تتصالح أوروبا مع دونالد ترامب؟

لم يكن متوقعًا قبل سنوات أن تصعد إيطاليا إلى صدارة الاستقرار الحكومي في أوروبا، فالتحالفات السياسية الإيطالية كانت تتسم بالهشاشة، حيث لا تتجاوز مدة حكوماتها السنة أو أكثر قليلاً قبل أن تنهار، ومع ذلك، ومع تغير الظروف السياسية في بعض دول أوروبا الكبرى مثل فرنسا وألمانيا، استطاعت روما أن تصبح اليوم أحد اللاعبين الرئيسيين في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، خاصة في ظل رئاسة دونالد ترامب الثانية.

فخلال فترة حكمه الأخيرة، وصف ترامب أوروبا بأنها «عدو» للولايات المتحدة، لكن مع وصول جورجيا ميلوني إلى رئاسة الحكومة الإيطالية في 2022، برزت فرصة جديدة قد تمهد الطريق لإعادة بناء الجسور بين واشنطن والقارة الأوروبية، بفضل عوامل متعددة من أبرزها علاقات ميلوني مع شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي تربطه صداقة قوية مع ترامب.

في أحد الأمسيات الأخيرة في باريس، التقى ترامب وميلوني وماسك في عشاء رئاسي جمعهم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث وصف ترامب اللقاء بالمثمر قائلاً إن الوقت الذي قضاه مع ميلوني كان إيجابيًا، مؤكدًا توافقهم في عدة قضايا. ومن خلال هذه اللقاءات، يبدو أن هذه العلاقة قد تمثل نقطة تحول في العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا.

خصوم القضايا الكبرى

لكن وبالرغم من ذلك التوافق، فإن ترامب ورئيسة الوزراء الإيطالية لا يتفقان في كل القضايا الكبرى، حيث كانت ميلوني من أبرز الداعمين لأوكرانيا، والتقت بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة منذ بداية الحرب الروسية، وقد يشكل هذا التباين في المواقف تحديًا في المستقبل، خاصة فيما يتعلق بتوجهات السياسة الأمريكية نحو أوكرانيا.

لكن ما يميز الوضع الحالي هو أنه في الوقت الذي تشهد فيه بعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا أزمة حكومية، تعد إيطاليا حاليًا الدولة الأكثر استقرارًا في المنطقة، ويشير «جيوفاني أورسينا»، أستاذ العلوم السياسية في جامعة لويس الإيطالية، إلى أن ميلوني ستكون في موقع قوي للتأثير على أوروبا في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة أنها ستكون الدولة الوحيدة ذات حكومة مستقرة في تلك الفترة.

ليس ماسك وحده

وتشير العلاقات المتينة بين ميلوني وماسك إلى إمكانية تأثير الأخير في العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يمكن لماسك أن يكون جسرًا يربط بين الطرفين، فقد بدأت صداقته مع ميلوني في صيف 2023، وكان ماسك هو المتحدث الرئيسي في مؤتمر «إخوة إيطاليا» الذي عقدته الأخيرة في ديسمبر من العام ذاته، ما يعكس عمق الروابط بينهما.

لكن لا يمكن تجاهل أن ميلوني كانت استفادت سابقًا من دعم سياسي آخر من شخصيات مثل ستيف بانون، أحد أبرز مؤيدي ترامب، الذي كان يرى فيها إحدى الشخصيات السياسية المهمة في أوروبا، غير  أن بانون، مع تغير مواقف ميلوني وتبنيها مواقف أكثر اعتدالًا بعد وصولها إلى الحكم، أصبح أكثر تحفظًا عليها، وهو ما يعكس التحديات التي قد تواجهها ميلوني في التعامل مع ترامب في المستقبل.

وإلى الآن، تبدو ميلوني أقرب إلى تبني مواقف ماسك وترامب، حيث يتم تصنيفها كسياسية تفضل التفاعل مع الأحداث بدلاً من المبادرة في اتخاذ القرارات، ويرى أورسينا أنها ستظل في موقع التفاعل بدلاً من المبادرة في الملفات الشائكة التي تخص السياسة الأوروبية الأمريكية، معتمدة في ذلك على تحركات ترامب.