تتضارب الأرقام المعلنة بشأن عدد قتلى القوات الروسية منذ بدء الحرب مع أوكرانيا، في فبراير 2022، ففي حين تقدّره روسيا بأقل من 6 آلاف، وفقًا لآخر حصيلة رسمية كشفت عنها في سبتمبر 2022، تقول أجهزة المخابرات البريطانية إنه يتراوح بين 40 إلى 60 ألف جندي، وتذهب وزارة الدفاع الأوكرانية إلى ما هو أبعد من ذلك، فتزعم أنه تخطى حاجز الـ 200 ألف قتيل.
وتشتهر روسيا عبر تاريخها بالسرية الشديدة فيما يتعلق بخسائرها في الحرب، وهو ما دفع “BBC” بالتعاون مع المؤسسة الإعلامية الروسية المعارضة “Mediazona” ومواطنين روس؛ لإحصاء الوفيات، استنادًا إلى المسؤولين المحليين والتقارير الإعلامية وأقارب أفراد القوّات والمقابر التذكارية للحرب في جميع أنحاء البلاد.
عدد قتلى روسيا في حربها ضد أوكرانيا
وصلت قائمة الوفيات المؤكدة، بحسب هذا الإحصاء، إلى أكثر من 25 ألف فرد، وهو ما يمثل الحد الأدنى للخسائر الإجمالية لروسيا.
ويعتقد القائمون على إعداد هذه البيانات أن هذا العدد مُرشّح للزيادة، حيث قال خبير الحرب البرية، الدكتور جاك واتلينغ، إن موسكو ستستمر بالتشبث بالأرض التي سيطرت عليها، وستنتظر تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا.
وأضاف أنه إذا تمكنت أوكرانيا من اختراق التحصينات الروسية في هجومها المضاد، فإن القوات الروسية المستنزفة وعديمة الخبرة قد تهنار.
ومع ذلك، يرى واتلينغ أنه من غير المرجح أن تنفد الطاقة البشرية لدى روسيا، مستشهدًا بقول وزير الدفاع سيرغي شويغو، الذي قال عند سؤاله عن تعبئة البلاد للمدنيين: “عندما يقول، لدي 25 مليون احتياطي، فهو لا يمزح. إنه جاد للغاية”، في إشارة إلى تصريحات للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
جنود يسهل التضحية بهم
من بين القصص التي سجّلها هذا الإحصاء، تلك التي تتعلّق بمقتل ألكسندر زوبكوف، الذي تم تجنيده من السجن في سن الـ 34 عامًا.
وُلد زوبكوف في سيفيرودفينسك، وهي مدينة على البحر الأبيض على الساحل الشمالي الغربي لروسيا وتضم حوض بناء سفن رئيسي للبحرية الروسية.
في عام 2014، أظهرت سجلات المحكمة أنه كان عاطلا عن العمل وأبا لطفل وحيد، والذي أدين بجريمة قتل وحكم عليه بالسجن 8 سنوات و6 أشهر.
أطلق سراحه من السجن بشروط في عام 2020 لكنه عاد إلى السجن بتهمة تجارة المخدرات في العام التالي، بعد القبض عليه وشريكه وبحوزتهما 600 غرام من منشط غير القانوني، فحكم عليه بالسجن 9 سنوات أخرى.
عندما بدأت مجموعة فاغنر التجنيد من السجون، انضم إليها زوبكوف في نوفمبر من العام الماضي، مع وعد بمنحه 100 ألف روبل له، وهو ما يعادل 1250 دولارا شهريًا، وإذا أكمل 6 أشهر من الخدمة، يمكن أن يتوقع إطلاق سراحه.
لكن زوبكوف توفي بعد خمسة أشهر، خلال قتال فاغنر للاستيلاء على مدينة باخموت بشرق أوكرانيا، ودُفن في مسقط رأسه في 28 أبريل.
يقول الدكتور جاك واتلينغ، إن زوبكوف وأمثاله يستخدمون تقريبًا “كقوات يمكن التضحية بها”.
يظهر الإحصاء أن من بين القتلى مدنيين تم تجنيدهم بعد القبض على بعضهم من الشارع أو في مراكز التسوق، ثم صدرت لهم أوامر بتنفيذ مناوشات مستمرة ضد القوات الأوكرانية، لإرهاق الأوكرانيين وكشف مواقعهم للمدفعية الروسية.
يقول الدكتور واتلينغ: “إنهم يرسلونهم إلى الجبهات متوقعين تعرضهم للقتل، لذلك فإن الجيش الروسي يستهلك هذه القوات بمعدل كبير”.
كيف تغير سلوك روسيا تجاه محاربيها؟
كشف الإحصاء أن روسيا فقدت أعدادًا كبيرة من الجنود المحترفين في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب، ولكن في الأشهر الثلاثة الماضية، مات الجنود غير المحترفين بأعداد أكبر.
يقول الدكتور واتلينغ إن روسيا تعمد إلى حماية الجنود المهنيين المتبقين لديها، وتستخدمهم للاحتفاظ بالأرض وتنفيذ هجمات القناصة، وتنفيذ هجمات نادرة عندما تكون الظروف مناسبة.
رصد الإحصاء مقتل أكثر من 2100 ضابط عسكري روسي، كان من بينهم 242 على الأقل برتبة مقدم أو أعلى.
كما قُتل ما لا يقل عن 159 طيارا حربيًا حسب الإحصاءات، وهو ما أجبر قدامى المحاربين على العودة من التقاعد، مثل الجنرال كانامات بوتاشيف.
انتهت مسيرة بوتاشيف العسكرية في عام 2012، وفي مايو من العام الماضي، كان يبلغ من العمر 63 عامًا ويقود طائرة هجوم أرضي من طراز “سوخوي 25” عندما تم إسقاطها فوق لوهانسك في شرق أوكرانيا.
لم يكن هو أكبر شخص في إحصاء الموتى، حيث تطوّع ميخائيل شوفالوف، وهو عامل متقاعد في محطة توليد كهرباء، عن عمر يناهز 71 عامًا، والذي قُتل في 10 ديسمبر الماضي.
عدد الوفيات المسجلة للمهاجرين غير الشرعيين في البحر المتوسط منذ 2014
الزيارة الحاسمة.. على ماذا ستركز محادثات واشنطن وبكين؟
دعوة من الملك سلمان لرئيس إيران.. ماذا بعد زيارة وزير الخارجية إلى طهران؟