تناولت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية ملامح العلاقات المستقبلية بين روسيا والصين، فيما يتعلق بتعاونهما مع “طالبان” في أفغانستان، عقب إنسحاب الولايات المتحدة المريكية منها، وهل سيكون هناك تقارب أم تضارب في المصالح.
وترى المجلة الأمريكية أن المؤشرات تؤكد أن العلاقة بين الطرفين الصيني والروسي ستشهد تقاربًا، خاصة في ظل الخبرة الواسعة للبلدين في تقسيم النفوذ في اسيا الوسطى.
خبرة روسيا وطموح الصين في وسط اسيا
وترى “فورين بوليسي” أن الولايات المتحدة انشغلت خلال العقدين الماضيين بتوجيه قوتها و مواردها نحو أفغانستان، وتركت المجال لروسيا والصين لتوسيع نفوذهما إقليميًا وعالميًا، خاصة منطقة وسط اسيا التي تقع فيها أفغانستان، وهي منطقة في الأساس تتعاظم فيها خبرة موسكو، حيث تضم عدة بلدان مثل كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وقيرغيزستان وطاجيكستان.
ولفتت المجلة الأمريكية إلى أن روسيا دائمًا ما تحافظ على نفوذها في منطقة وسط اسيا، منذ أن كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي، وقبل ذلك الإمبراطورية الروسية، وحافظت على هذا الدور حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
أما بالنسبة للصين فتقول “فورين بوليسي” إن دورها يتزايد بسرعة في تلك المنطقة وتحديدًا خلال العقد الماضي، حيث ضخت مليارات الدولارات في الطرق والسكك الحديدية وخطوط أنابيب الطاقة التي تجلب النفط والغاز الطبيعي، والموارد المعدنية الهائلة في آسيا الوسطى، لتغذية اقتصادها.
وذكرت الصحيفة أن كل ما سبق يشير إلى حتمية التقارب وتضاؤل احتمالية التضارب بين موسكو وبكين.
[two-column]
صيغة تقاسم المصالح بين موسكو وبكين في أفغانستان تحديدًا ووسط اسيا عمومًا جاهزة الأولى تهتم بالنفوذ والأمن، والثانية تسعى لحفظ المصالح الإقتصادية والاستثمارات
[/two-column]
أهداف روسيا والصين في أفغانستان
وفندت “فورين بوليسي” أهداف الطرفين الروسي والصيني في أفغانستان الواقعة في وسط اسيا خلال الفترة القادمة، فالأولى تريد الحفاظ على نفوذها لتظل الداعم الأمني لتلك الدول في مواجهة تهديدات التشدد، خصوصاً من الجماعات الإسلامية، ولدعم موقف قيادات آسيا الوسطى، فهي المزوّد الرئيسي لهم بالأسلحة وتقوم في كثير من الأحيان بإجراء تدريبات عسكرية مشتركة في وتستضيف أيضاً وجوداً عسكرياً مباشراً في قرغيزستان وطاجيكستان، حيث تتمتع الأخيرة بحدود طويلة وسهلة الاختراق مع أفغانستان.
أما الطرف الثاني وهو الصين فهدفها الرئيسي هو ضمان الوصول إلى الموارد الطبيعية في المنطقة، وكذلك تسهيل العبور البري للصادرات الصينية إلى المنطقة وخارجها إلى أوروبا، كما تهتم بالحفاظ على استقرار المنطقة لتأمين مشاريعها الاقتصادية.
وترى المجلة الأمريكية أن اهتمامات الطرفين لن تتعارض في أفغانستان على أقل تقدير في المستقبل القريب، لأن موسكو لا تسعى لضخ الأموال لبناء البنية التحتية على نطاق واسع والاستثمار فيها، ولا الحاجة إلى استيراد سلع من آسيا الوسطى، حيث إن روسيا هي نفسها منتج رئيسي للطاقة والمعادن.
وبالتالي فإن صيغة تقاسم المصالح بين موسكو وبكين في أفغانستان تحديدًا ووسط اسيا عمومًا جاهزة الأولى تهتم بالنفوذ والأمن، والثانية تسعى لحفظ المصالح الإقتصادية والاستثمارات.