عالم

كيف تستغل روسيا الأطفال لضمان التأييد الشعبي للحرب؟

كيف تُعد روسيا الأطفال لتأييد حربها ضد أوكرانيا؟

اتخذت روسيا عددًا من التدابير والإجراءات لضمان الحصول على الدعم الشعبي لحربها ضد أوكرانيا، خاصة في ظل إصرار دول الغرب على وصف الحرب بالعدوان والغزو بينما يرى الجانب الروسي أنه حق أصيل للدفاع عن مصالح الدولة، وأن الحرب جاءت لحماية الأقليات التي تتعرض للاضطهاد على يد “النازيين الجدد” بحسب وصف الروسيين للجهات الأوكرانية التي كانت تسيطر على دونيتسك ودونباس، حيث تم رصد العديد من التغييرات في المناهج الدراسية الروسية لغرس الأفكار الموالية للسياسة الروسية في أدمغة الأجيال القادمة.

تعزيز القيم الروحية والأخلاقية التقليدية الروسية

كانت البداية في أواخر 2022 عندما أطلق الكرملين حملة لإعطاء دروس وطنية إلزامية في المدارس، حيث تتجنب المواد ذكر مصطلح الصراع وبدلاً من ذلك تتخذ مسارًا أكثر دقة، وتستخدم تعبيرًا ملطفًا “محادثات حول أشياء مهمة” ، بهدف تعزيز القيم الروحية والأخلاقية التقليدية الروسية.

وتستهدف روسيا طلاب المدارس الذين تقل أعمارهم عن 7 سنوات ليتخذوا الموقف المؤيد للحرب وليكونوا مستعدين للموت من أجل بلدهم، وتقبل فكرة أن فقدان آبائهم أو أقاربهم في الحرب الأوكرانية كان للحفاظ على روسيا.

لن نتركهم للنازيين الجدد

ومن ضمن البيانات والمواد التي تركز عليها الحملة فكرة أن سكان دونتسيك ودونباس عانوا على مدار 8 سنوات من القصف والقتل وسوء المعاملة من قبل نظام كييف النازي، والتأكيد أن سكان هذه المناطق توجهوا إلينا ولا يمكننا تركهم يواجهون الاضطهاد والنازية بمفردهم، والتلميح إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعاد العدالة التاريخية، وأعاد الأراضي الروسية الأصلية لحكم موسكو.

وشملت الحملة أيضًا عرض أفلام وثائقية وفيديوهات حول تاريخ روسيا في الحرب العالمية الثانية وكيف نجح الاتحاد السوفيتي في تخليص البشرية من خطر النازية، وأن البطل الروسي إنسان عادي يقاتل في أرض المعركة للدفاع عن وطنه بخلاف الغرب الذي يعتمد على أبطال خارقين لا وجود لهم في أرض الواقع، ويرى المحللون أن هذه الدروس تجعل الأطفال يتخيلون أنفسهم يقاتلون في حرب من أجل روسيا وسيصبح لديهم الرغبة في تحقيق الخيال على أرض الواقع في غضون سنوات.

وتنظم روسيا احتفالات لأطفال المدارس في المناسبات المهمة مثل “يوم المعرفة” و “يوم الوحدة الوطنية”، مع تزويد المعلمين بالعروض التقديمية المعتمدة من الكرملين ومقاطع الفيديو ونصوص الدروس الكاملة، ومن بينها “عيد أبطال الوطن الأم” حيث ألقى ديمتري بيرمينوف السياسي الروسي والضابط السابق بالجيش خطاب موجه للأطفال روى خلاله دوره في حرب داغستان في التسعينيات، والأعمال البطولية للجنود الروس، بالإضافة إلى قيامه بتكريم الأطباء الذين أنقذوا حياة جندي روسي شاب يقاتل في أوكرانيا، ليوجه رسالة بسيطة للأطفال هي أن أيًا من هؤلاء الأبطال قد يكون أنت.

ونص درس آخر تم تقديمه للأطفال على رسالة واضحة من خلال عبارة “لا يمكنك أن تصبح وطنيًا إذا كنت تعلن الشعارات فقط، الشعب الوطني عليه أن يكون مستعدًا للدفاع عن وطنه والسلاح في يده”، وفيديو آخر حول سكان دونباس وأنهم فخورون برموزهم الوطنية ويحبون وطنهم الأم، روسيا للتلميح بأنها أرض روسية منذ البداية ولا ينبغي لأوكرانيا السيطرة عليها.

المعارضة تحذر من تداعيات الحملة

رفض عدد من المعلمين الحملة التي وصفوها بالكارثية على عقول الأطفال، وأن استمرارها يعني أن الجيل القادم سيرى غزو روسيا لأراضي دولة مجاورة نوعا من أنواع حب الوطن والدفاع عنه، وأصدر تحالف المعلمين الرافضين للحملة بيانات تدعو المعلمين الآخرين وأولياء الأمور لتحرير الأطفال من دروس الدعاية.

وصرحت معلمة للصف الابتدائي رفضت ذكر اسمها لوكالة الأنباء الروسية “ميدوزا” التي تبث أخبارها من لاتفيا بسبب حظر الدولة لها، إن مجموعات كبيرة من المعلمين قررت تجاهل هذه التعليمات وشرح الدروس بطريقتهم الخاصة.

وأضافت أن تلك الحملة لن يكون لها تأثير كبير على المراهقين والشباب لقدرتهم على الدخول على الإنترنت ورؤية الحقيقة بأنفسهم، لكن التأثير المخيف سيكون على الأطفال الصغار لأن عالمهم كله هو مدرستهم وعائلاتهم فقط.

حرب روسيا وأوكرانيا.. كيف يرى الخبراء سيناريوهات الصراع في 2023؟

ما هو مجلس الأمن ولماذا لم يتدخل في حرب روسيا وأوكرانيا؟

حرب روسيا وأوكرنيا تنذر بأزمة قمح عالمية