بعد سلسلة الزلازل التي وقعت خلال العقد الماضي، قام فريق من العلماء بتحليل سجلات رقمية للحركة الأرضية، فيما يعرف باسم مخطط الزلازل، ما قادهم لاكتشاف جسم يتم التعرف عليه لأول مرة، يقع في مركز الأرض.
الكشف عن المركز الحقيقي لكوكب الأرض
نشرت مجلة Nature Communications دراسة جديدة، خلصت إلى وجود طبقة مخفية أو “نواة داخل النواة الداخلية” في لب الأرض، عبارة عن كرة صلبة مستعرة من الحديد والنيكل.
يشير الاكتشاف الضخم إلى أن الأرض بها خمس طبقات رئيسية بدلًا من أربع، تم الوصول للأخيرة منها عن طريق قياس الموجات الزلزالية للزلازل أثناء مرورها عبر مركز الأرض.
الموجات الزلزالية هي اهتزازات تجري داخل أو على طول سطح الأرض وعبر طبقاتها الداخلية نتيجة للزلازل أو البراكين أو غير ذلك من الأسباب.
قال المؤلف المشارك في الدراسة، عالم الزلازل وزميل ما بعد الدكتوراه في كلية أبحاث علوم الأرض في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبيرا، تان-سون فام: “في هذه الدراسة، ولأول مرة، نلاحظ ارتدادًا للموجات الزلزالية الناشئة عن الزلازل القوية التي تنتقل ذهابًا وإيابًا من أحد جانبي الكرة الأرضية إلى الجانب الآخر حتى خمس مرات”.
مواصفات الكرة نواة الكرة الأرضية
تشير الدراسة أن الجسم المكتشف حديثًا هو كرة معدنية قطرها 644 كيلومترًا، وقشرتها الخارجية مصنوعة من سبائك الحديد والنيكل، مع كميات ضئيلة من العناصر الأخرى.
وأضاف فام: “الانتقال من الكرة الأعمق (الصلبة) إلى الغلاف الخارجي للّب الداخلي (أيضًا غلاف صلب) يبدو متدرجًا، لهذا السبب لا يمكننا رصده من خلال الانعكاسات المباشرة للموجات الزلزالية منه”.
باستخدام الأدوات التي تكشف عن الموجات الاهتزازية، وجد الباحثون أن اللب الداخلي الأعمق له تباين مميز، وهي خاصية للمادة التي تسمح لها باكتساب خصائص مختلفة اعتمادًا على الزاوية التي تأثر عليها قوة منها.
أحد أشهر الأمثلة على المواد متباينة الخواص الخشب، يعد الخشب متباين الخواص من حيث سهولة القطع، إذ يسهل نشره على طول الليف الخشبي مقابل عرضه.
كيف ساعدت الزلازل في اكتشاف نواة الأرض؟
عندما يتعلق الأمر بتقييم لب الأرض، ينظر الباحثون في مدى سرعة انتقال الموجات الزلزالية عبره في اتجاهات مختلفة، ووجد القائمون على الدراسة أن اللب الداخلي الأعمق يغير سرعة تلك الموجات بطريقة مختلفة عن الطبقة التي تعلوها، وهي الطبقة الخارجية التي تمثّل ما يشبه الصدفة بالنسبة لها.
يعد اكتشاف الطبقة الجديدة التي تبعد أكثر من 1600 كيلومتر تحت أقدامنا أمرًا مهمًا، حيث توجد نواة متميزة أكثر عمقًا، ويمكن أن تمنح العلماء فهمًا أفضل للمجال المغناطيسي للأرض وكيف تطور وسيستمر في القيام بذلك.
وقال فام: “إن الاكتشاف الجديد يعطينا لمحة عمّ يمكن أن يحدث مع الكواكب الأخرى. خذ المريخ كمثال. نحن لا نفهم حتى الآن سبب توقف المجال المغناطيسي للمريخ الذي كان موجودًا في الماضي”.