خلال 12 شهرًا، منذ أن شنت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا، حرصت الدول الغربية وخصوصًا في أوروبا على إمداد أوكرانيا بالأسلحة المتطورة لاستخدامها في صد الهجمات الروسية.
وعلى الرغم من بعض الخلافات الدبلوماسية بين الدول الغربية حول إرسال أنواع معينة من الأسلحة مثل الدبابات، إلا أن حجم مساعدات القادة الأوروبيين لكييف كانت مفاجأة لبعض المراقبين.
ولكن إرسال هذه الأسلحة والمعدات العسكرية والذخيرة بشكل مستمر إلى أوكرانيا، ترك خزائن مخزون الجيوش الأوروبية تبدو عارية إلى حد ما، بحسب مسؤوليين وخبراء دفاعيين تحدثوا لشبكة سي إن إن.
أسلحة الدول الغربية
في حين أنه من الصعب الحصول على أرقام دقيقة بشأن الأسلحة التي تمتلكها الدول الفردية حاليًا في ترساناتها بسبب حساسية المعلومات، إلا أنه منذ بداية الحرب، تبرعت الدول الأوروبية بمجموعة واسعة من الأسلحة من الصواريخ المضادة للدبابات إلى قذائف المدفعية وقذائف الدبابات.
يقول جنرال متقاعد بالجيش البريطاني ونائب القائد الأعلى لقائد حلف شمال الأطلسي السابق في أوروبا، ريتشارد شيريف، حجم الذخيرة في جيوش الدول هو أمر بالغ الأهمية للأمن القومي والأوروبي، مضيفًا: ” أنت لا تريد إظهار نقاط ضعفك لأي معتد محتمل، ولكن في نفس الوقت يحتاج الناس إلى فهم أن هذا أمر خطير، ويجب القيام بشيء ما على وجه السرعة”.
وبحسب ما نقلته سي إن إن عن مصادر أمنية أوروبية، فإن هناك مخاوف جدية بشأن كمية الذخيرة الأوروبية التي تم إرسالها إلى أوكرانيا لاستخدامها في ساحة المعركة، وحتى الآن لم يتم تعويضها.
حتى بالنسبة للولايات المتحدة وهي أكبر مُصدّر عسكري في العالم وأكبر مورد أسلحة إلى أوكرانيا، فإنها تواجه مخاوف أيضًا تتعلق بنفاد مخزون بعض الأسلحة المتطورة المتاحة للشحن إلى أوكرانيا.
وكشف مسؤول في الناتو تحدث إلى وكالة رويترز: أن الذخائر التي شهدت عجز ملحوظ بسبب الاستخدام الكثيف من أوكرانيا لها هي: القذائف المدفعية التي تُستخدم في مدافع هاوتزر من عيار “155ملم”، بالإضافة إلى وصواريخ هيمارس، وذخائر أنظمة الدفاع الجوي، مثل “IRIS-T” و”باتريوت”.
قلق الناتو
في وقت متأخر من الإثنين الماضي، عبر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، في لقاء مع الصحفيين، عن قلقه من المعدل الذي تستهلك به أوكرانيا الذخيرة، والذي يفوق كثيرًا معدل الإنتاج لهذه الدول من الأسلحة، وهو ما يضع الصناعات الدفاعية لدول الناتو تحت الضغط.
وأوضح ستولتنبرغ أن فترة الانتظار لتسليم الذخيرة ذات الحجم الكبير زادت من 12 إلى 28 شهرًا، وهو ما يعني أنهم لن يستطيعوا الوفاء بتسليم الطلبات إلا بعد عامين ونصف، وهو ما يتطلب زيادة معدلات الإنتاج.
وقال ستولتنبرغ إن الناتو أجرى مسحًا لحجم الذخائر لدى الحلف، ووضع خطط لزيادة المخزونات، ولكن في نفس الوقت قد تكون المشكلة أكبر من مجرد زيادة إنتاج الشركات الخاصة من الذخيرة.
خفض الميزانيات
يقول الخبراء إن تخفيضات ميزانية الدول في جميع أنحاء أوروبا على مدار العقود الماضية، كان العامل الأكبر في خفض مخزون الأسلحة بشكل مقصود، في ظل استبعاد أن يشهد العالم حربًا برية تستنفد الذخيرة بقوة الحربين العالميتين الأولى والثانية في القرن الماضي.
وبحسب زميل السياسة في المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية، نيك ويتني، فإن عدم وجود تهديد مباشر والضغوط المالية على الحكومات الأوروبية على مدى العقدين الماضيين، أدت إلى مخازن فارغة من الأسلحة.
وعلى الرغم من أن الصورة التي يرسمها مسؤولو الدفاع الأوروبيون بشأن مخزونات الذخيرة قاتمة، إلا أن لا أحد يريد أن يقول علنًا إن دعم أوكرانيا قد تسبب في مشاكل، ولكن في النهاية أزمة الذخيرة قادمة وسيتطلب الأمر تدخلاً كبيرًا لتصحيح الوضع.
ويرى شيريف أنه ينبغي على دول الناتو أن تنظر في الأمر بجدية أكبر، وقد يكون الوقت جاء للطلب من مصنعي الدراجات البدء في تصنيع الذخيرة.
واعتبر نائب القائد الأعلى للناتو السابق، أن الطريقة الوحيدة التي ستضمن العودة بدول الحلف إلى المسار الصحيح هي الاستعداد لأسوأ حالة، مما يعني إعادة تعلم الدروس من الحرب الباردة لتجنب حرب عالمية أخرى.
صور.. ماذا تركت روسيا في مدن أوكرانيا التي انسحبت منها؟