تواجه شركات طيران حول العالم خطر الإغلاق في 2023، وهو العام نفسه الذي اعتبره الخبراء نهاية أزمة السنوات الثلاث من الركود الذي عانت منه تلك الصناعة، ولكن مع إعلانات الإفلاس المتلاحقة المُعلنة ارتفع عدد الشركات التي لن يظهر اسمها في الجو مجددًا بشكل غير مسبوق، فلماذا؟
2023 تكتب النهاية لشركات طيران
أعلنت شركة الطيران الإقليمية البريطانية Flybe إفلاسها، في 28 يناير الماضي، وهي المرة الثانية خلال ثلاث سنوات التي تنهار فيها.
تم إطلاق Flybe لأول مرة في مارس 2020، وتوقفت أعمالها بسبب الوباء، ثم أعيد إطلاقها بعد ذلك بعامين مع الخطوط المحلية والدولية في المملكة المتحدة، قبل أن يتم إغلاقها إلى الأبد مرة أخرى بعد 10 أشهر فقط.
بعد ثلاثة أيام فقط، أفلست شركة طيران أخرى، وهي Flyr النرويجية التي افتُتحت العام الماضي فقط.
يقول ستيف إيرليش ، رئيس مجلس إدارة Pilots Together ، وهي مؤسسة خيرية تأسست أثناء الوباء للمساعدة الطيارين الذين تم تسريحهم.
تأثير ارتفاع الأسعار على شركات الطيران
تُظهر البيانات أن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران يسير جنبًا إلى جنب مع انخفاض الحجوزات، ووفقا لوكالة الحجز بالمملكة المتحدة Flight Center، فإن تذاكر الدرجة الاقتصادية زادت أسعارها بنسبة 36% في عام 2023، تزامنًا مع انخفاض الحجوزات بنسبة 22% في العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها في 2019، بحسب بيانات ForwardKeys.
وأصبحت بعض الوجهات ذات تكلفة عالية فيما يخص تذاكر الطيران، فمثلًا السفر إلى نيوزيلندا جوًا أصبح مُكلِّفًا أكثر بنسبة 81% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما ارتفعت الرحلات إلى جنوب إفريقيا من المملكة المتحدة بنسبة 42% في الدرجة الاقتصادية و70% في درجة الأعمال.
وهناك مناطق في العالم أقل تأثرًا من غيرها، فمنطقة البحر الكاريبي سجّلت انخفاضًا بنسبة 3% فقط عن حجوزات 2019، بينما لا تزال منطقة آسيا والمحيط الهادئ متأخرة بنسبة 46%، ويشهد الشرق الأوسط تراجعًا بمعدل 5% فقط، والأمريكتين 9%، وأوروبا 15%، وأفريقيا 18%.
ويتوقع خبراء ألّا يستمر هذا التراجع الكبير، إذ يتوقع نائب رئيس ForwardKeys، أوليفييه بونتي، أن يكون موسم الصيف مزدحمًا طالما أن العوامل الخارجية لا تتدخل.
كيف تتحول من ملياردير إلى مليونير؟
هناك قول مأثور قديم متعارف عليه في أوساط الطيران، مفاده أن أفضل طريقة لتصبح مليونيرًا هي أن تؤسس شركة للطيران، ولكن الوباء غير الأمر فتأثيره على شركات الطيران فاق تأثير الركود أو الحروب أو الحوادث الإرهابية.
منذ عام 2020، أوقفت ما لا يقل عن 64 شركة طيران عملياتها، وفقًا لموقع الطيران AllPlane.tv، ولم تنجح محاولات معظمها للبقاء بعد إعلان الإفلاس أو تغيير الاسم.
يقول رئيس المحتوى الاستراتيجي في FlightGlobal، موردو موريسون، إن قطاع الطيران نشاط تجاري ينطوي على مخاطر عالية، وكان من الصعب تاريخيًا جني الأموال، ومن الصعب جدًا الحصول على نموذج العمل الصحيح.
وأشار موريسون إلى حالة Flybe، قائلا: “كان أول انهيار لها في 5 مارس 2020، أي قبل الوباء. لم يكونوا يجنون أموالًا كافية لأن نموذج أعمالهم لم يكن صحيحًا. ربما هذا هو سبب خروجهم من العمل في الجولة الثانية”.
ويضيف موريسون: “أنقذت الحكومات معظم شركات الطيران من الدمار من قبل الحكومات التي وضعت صناعاتها في حالة السبات، ودفعت تكاليفها الثابتة ومعظم فاتورة الأجور. لقد كانوا قادرين على السماح للناس بالرحيل وتقليل هيكل التكلفة، لذلك على الرغم من عدم وجود إيرادات، كانت التكاليف أقل. عدد قليل جدا من شركات الطيران تعرضت للانهيار كنتيجة مباشرة للوباء”.
شركات الطيران تخشى كثرة المسافرين!
يقول موريسون: “كانت المشكلة الأكبر هي الانتعاش في الصيف الماضي، لم تستطع المطارات التعامل مع ارتداد أعداد الركاب”.
وأوضح أن شركات الطيران والمطارات لم تكن راغبة أو غير قادرة على توفير موارد احتياطية في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022 بعد خفض تكاليفها، وهذا ما تسبب في صيف الفوضى، فلم لم يكن هناك ما يكفي ممن يتعاملون مع الأمتعة، ولم تكن أدوات الفحص الأمنية كافية، في بعض الحالات لم يكن هناك ما يكفي من الطيارين.
العالم يتّبع النموذج الأمريكي
يشتهر قطاع الطيران في الولايات المتحدة بأن المسافر لا يضطر للمقارنة بين خيارات كثيرة، ففي حين يوجد في آسيا أو أوروبا العشرات من شركات الطيران، ففي أمريكا هناك الأربعة الكبار: أمريكا، ودلتا، وساوث، ويست ويونايتد.
المحاضر الأول في إدارة النقل الجوي في جامعة كرانفيلد بالمملكة المتحدة وجامعة كاتالونيا المفتوحة في إسبانيا، بيري سواو سانشيز يقول إن هذا هو النموذج الذي يتجه إليه بقية العالم نتيجة للوباء .
ويصف سانشيز حالات الإفلاس بأنها اتجاه عام للاندماج على غرار الخطوط الأمريكية.
ويضيف: “في المستقبل، يمكنك توقع رؤية ما يبدو أنه عدد أقل من شركات الطيران، أو شركات الطيران الإقليمية المندمجة تحت نفس المنظمة الجامعة”.
ويشير أن هذا موجود بالفعل خارج أمريكا، ففي أوروبا، تمتلك شركة IAG، شركات Aer Lingus و British Airwaysو Iberiaو Level وVueling.
ويعتقد سانشيز أن الزيادات في الأسعار بنسبة تصل إلى 25% ستستمر لبضع سنوات، حيث تحتاج شركات الطيران إلى أموال التعافي، وتغطية زيادة أسعار الوقود.
5 تقنيات ستغير الطريقة التي نعيش بها في 2050