يحرص الشعب البريطاني على الاحتفاظ بعادات شعبية تعود إلى قرون، ويبرزون هذه الموروثات ضمن احتفالات في أوقات مختلفة من السنة، ولكن البعض التقاليد قد يكون فوضوي لدرجة كبيرة. وفيما يلي نستعرض أبرز هذه العادات:
مهرجان الحصان
هو حدث سنوي، يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، ويُقام في جزيرة ساوث رونالدسي، قبالة الساحل الشمالي لإسكتلندا، ويتضمن كذلك مباراة الحرث للأطفال الذكور. تحرص الفتيات خلال هذا التوقيت على ارتداء الأزياء المزخرفة خلال استعراض يُقام في الشوارع، وهذه الأزياء يتم تناقلها وتوارثها عبر الأجيال، بالإضافة إلى أقنعة وشواهد مزخرفة تحاكي رؤوس الأحصنة.
وفي غضون ذلك، يجتمع الأولاد على شاطئ “ساندز أو رايت”، ويشرعون في رسم الأخاديد من خلال محاريث مصغرة مصنوعة بأشكال رائعة، ويكون الفتى ذو الأخدود الأكثر دقة هو الفائز. يقول سايمون كوستين، مدير متحف الفولكلور البريطاني: “عندما ذهبت إلى هناك، وجدت الاحتفال مؤثرًا بشكل لا يصدق، المجتمع بأكمله يُشارك به”.
ويُضيف أن الأجداد والآباء يجمعون الأطفال للمشاركة، والأزياء القديمة هي علامة مميزة لهذا المهرجان، وعلى مر السنين يتم تزيينها بقطع المجوهرات والأجراس وأي شيء آخر قد يلفت الانتباه. واليوم، يعد مهرجان الحصان مجرد واحد من بين العديد من الاحتفالات التي تعرض العادات والأزياء الشعبية البريطانية، إذ يتم خلاله عرض أكثر من 40 زيًا، تم تصنيعها وتخصيصها ولبسها من قبل المشاركين.
براميل القطران
يقول كوستين إن مهرجان الحصان يُعتبر رزينًا إلى حد ما، إذا ما قورن ببعض العادات الأخرى التي غالبًا ما تكون مزعجة.
ويعود تقليد مهرجان براميل القطران المشتعلة الذي يُقام في 5 نوفمبر من كل عام، إلى العصور القديمة، ويتسابق فيه أهالي قرية أوتري سانت ماري في شوارع المدينة، حاملين براميل مشتعلة مدهونة بالقطران.
وتزيد أوزان البراميل على مدار اليوم، حتى تصل بحلول منتصف الليل إلى ما يقارب 30 كجم على الأقل.
ويوضح كوستين، أن هذا التقليد بمثابة إحساس بالفخر لدى أهالي القرية، النابع من اهتمامهم بالاحتفاظ بالتقاليد عبر التاريخ.
وعلى الرغم من ربط البعض بين مهرجان البراميل المشتعلة ومؤامرة البارود عام 1605، تكثر النظريات الأخرى حول أن التقليد ينتمي إلى طقوس وثنية تطهر الشوارع من الأرواح الشريرة، وأخرى تُشير إلى أنها كانت بمثابة تحذير من اقتراب الأسطول الأسباني خلال القرن الـ 17.
القبعة الطائرة
قد يبدو الصخب في مهرجان البراميل المشتعلة وكأنها حفلة شاي، مقارنة بالفوضى التي تمثلها لعبة هاكسي هود في شمال لينكولنشاير.
في هذا الحدث الذي يُقام في يناير ويستمر طوال الليل، يطارد المتسابقون الذين يصل عددهم إلى 300 شخص قبعة إحدى السيدات في محاولة الحصول عليها، في مشهد فوضوي غريب.
وتعود أصول المهرجان إلى القرن الرابع عشر، عندما كانت السيدة دي موبراي، زوجة أحد ملاك الأراضي، تركب على ظهر الخيل عندما تطايرت قلنسوتها الحريرية عند مرورها فوق أحد التلال.
وظل 13 عاملًا يطاردونها في جميع أنحاء الحقل، قبل أن يمسكه أحدهم أخيرًا، ولكنه أعطاه لشخص آخر ليقدمه للسيدة خجلًا من التعامل المباشر معها.
ومن أجل الاستمتاع، أطلقت السيدة على الشخص الذي عثر على القلنسوة اسم “الرب”، والأخر الذي سلمها لها اسم “الأحمق”، وهما اثنين من الشخصيات الرئيسية في التقليد حتى الآن.
ويُعتبر الزي هو البطل في هذا التقليد فيرتدي اللورد والزعيم معاطف صيد حمراء وقبعات علوية مغطاة بالورود والشارات، فيما يحمل الرب طاقمًا للخدمة مصنوعًا من اثني عشر عصا صفصاف مع واحدة أخرى مقلوبة في الوسط، تمثل الرسل الإثني عشر ويهوذا، ويلطخ وجهه بالشحم الأسود.
صراع الاستمرارية
وبينما يصارع البريطانيون عاصفة كاملة من التحديات المجتمعية، من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والاضطراب الاقتصادي، إلى المناخ المتغير وحالات الطوارئ البيئية، يبدو إحياء الاهتمام بالثقافة الشعبية اليوم وكأنه بحث عن الاستمرارية، وفق البروفيسور فاي هيلد، مدير مركز بحوث الفولكلور المعاصر.
ويقول هيلد: في إنجلترا يوجد حاليًا ارتباك حقيقي حول الهوية الإنجليزية والشعور بها، وفي ظل الإحساس المسيطر على الأشخاص بأن إنجلترًا لم تعد مكانًا مريحًا للعيش به، فيلجئون للنظر إلى الوراء لاستعادة شعورهم بالهوية وإعادة التواصل معها.