في ظل أزمة النقص في المضادات الحيوية الذي تعيشها الكثير من بلدان العالم، بالتزامن مع انتشار التهابات الجهاز التنفسي في هذه الفترة، تعاني أوروبا من أزمة نقص حاد في الأدوية والتي من المرجح أن تتفاقم خلال الفترة المقبلة.
وقال العديد من صانعي الأدوية الأوروبيين إنهم يترددون في زيادة السعة الإنتاجية للأدوية الجنيسة، في وقت أدت فيه الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع تكلفة كل شيء، بدءًا من الطاقة للمصانع إلى الكرتون للتغليف إلى الألومنيوم لأغطية الزجاجات.
ووفقًا لـ 13 مصنعًا أوروبيًا و6 جمعيات صناعة الأدوية العامة والمجموعات التجارية، فإن العديد من الشركات تكافح من أجل جني أموال كافية لتغطية تكلفة تصنيع المضادات الحيوية بالكميات الطبيعية، وهو ما يضيف عبء أكبر على قرار زيادة الإنتاج، وفق رويترز.
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن الأدوية الجنيسة (غير محدودة الملكية) هي نسخ من الأدوية التي انتهت براءة الاختراع الخاصة بها، وبالتالي يمكن تصنيعها بواسطة أي معمل صيدلاني وغالبًا ما تباع بأسمائها الدولية غير مسجلة الملكية أو في بعض الأحيان بأسماء تجارية جديدة.
معادلة صعبة
عندما علم إغناسي بيوسكا، الرئيس التنفيذي لشركة ريغ جوفر الإسبانية للأدوية، بنقص المضاد الحيوي “أموكسيسيلين” في إسبانيا، سرعان ما أضاف تغييرات في مصانع شركته للأدوية لتعزيز إنتاج المضاد الحيوي الشهير. ولكن بعض المناوبات الإضافية كانت بعيدة عن تحقيق الكميات المطلوبة.
وبقدر ما كان يرغب إغناسي في زيادة إنتاجية الأدوية التي تعاني الأسواق نقصها، إلا أن ضخ استثمارات بالملايين لتدشين خطوط إنتاج جديدة لن يكون مجديًا ما لم يتم دفع المزيد مقابل الدواء لتغطية هذه التكاليف المتزايدة، وفق قوله.
ومثل العديد من الدول الأوروبية، حددت إسبانيا السعر الذي يتم دفعه للمصنعين مقابل إنتاج عقار أموكسيسيلين للأطفال عندما تم إطلاق الدواء لأول مرة في البلاد قبل عقدين من الزمن، ولم تتغير الأسعار منذ ذلك الحين.
وقال أدريان فان دين هوفن، المدير العام لمجموعة الضغط في مجال الأدوية المكافئة في أوروبا، والتي تمثل صانعي الأدوية الجنيسة في الولايات المتحدة: “لا يمكننا الحفاظ على هذا السعر عندما تزداد جميع تكاليف الإنتاج واللوجستيات إلى الضعف وأكثر”.
أدوية رخيصة
قبل طرح المناقصات، تقارن العديد من الحكومات الأوروبية سعر الأدوية الجنيسة بالأسواق الأخرى في المنطقة، أو بالعقاقير المماثلة، لتحديد سعر مرجعي يعمل بعد ذلك كمعيار في المفاوضات مع الموردين.
يقول صانعو الأدوية إنهم عادة ما يمنحون العقود للمصنعين الذين يقدمون أقل سعرًا، مما يؤدي بعد ذلك إلى مزيد من الهبوط في الأسعار في المناقصات اللاحقة.
وتمثل الأدوية الجنيسة الآن حوالي 70 ٪ من جميع الأدوية التي يتم صرفها في أوروبا، وحوالي 29٪ فقط من الأموال التي تنفقها وكالات الصحة الوطنية على الأدوية، وفقًا لمنظمة الأدوية الأوروبية.
ويقول صانعو الأدوية الجنيسة الأوروبيون إن نظام المناقصات والأسعار، أشعلت السباق نحو القاع، كما أن الشركات الأوروبية تتعرض لتقويض من جانب الموردين من آسيا.
وخلال العقد الماضي، أجبر هذا النظام بعض الشركات الأوروبية إما على خفض الإنتاج، أو نقل تصنيع الأدوية الجنيسة والمكونات الصيدلانية النشطة اللازمة إلى الهند والصين لانخفاض تكاليف الإنتاج هنا.
خطط التسعير
يقول المسؤولون التنفيذيون في الصناعة الآن، إن إصلاح خطط التسعير هو الطريقة الوحيدة لتنشيط التصنيع في أوروبا، وذلك لتجنب النقص في المستقبل ولمنع القارة من أن تصبح أكثر اعتمادًا على آسيا في الأدوية الأساسية.
قالت رينا كونتي، خبيرة تسعير الأدوية في كلية كويستروم للأعمال بجامعة بوسطن: إن هناك وعيًا متزايدًا بضرورة دفع المزيد لضمان تأمين الإمدادات من هذه الأدوية وعدم الاعتماد على مناطق أخرى، من أجل صون الصحة والأمن القومي.
ونقلت رويترز عن كبير المسؤولين الطبيين في وكالة الأدوية الأوروبية EMA، ستيفن ثيرستروب، قوله إنه من غير المعتاد إلى حد ما رؤية العديد من الدول تبلغ عن نقص في نفس المنتجات، لكن توقعات الطلب ستقل مع اقتراب الطقس الحار.
وقال ثيرستروب إنه في غضون ذلك، يمكن استخدام الأدوية البديلة لسد العجز في الأموكسيسيلين، ولكن في الوقت نفسه، حذر عدد من مجموعات المرضى الشهر الماضي، من أن البدائل تضغط الآن على إمدادات الأدوية الأخرى.
ومن المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية تعديلات على قانون الأدوية في مارس المقبل.
الدكتور فهد الخضيري: الإكثار من هذه الأدوية يسبب مخاطر جمة (فيديو)
فايزر تتوسع في أوروبا.. كم ستستثمر شركة الأدوية وما خطتها المستقبلية؟