يسيطر الذكاء الاصطناعي على اهتمام العلماء في المجالات كافة، لما يتمتع به من قدرات عالية قادرة على جعل ما كان مستحيلًا أو صعب المنال متاحًا في غضون دقائق أو ثواني معدودة، ويسعى الباحثون في المجال الطبي مؤخرا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض، ويعد السرطان من الأمراض التي ما زال الطب عاجزًا أمامها في الكثير من الأحيان، وأبرزها سرطان الرئة والذي يُصنّف من أكثر أشكال السرطانات فتكًا، وأفضل طريقة لعلاجه حتى الآن هي اكتشافه في مراحل مبكرة.
تقنية مبتكرة
وفي ظل الجهود المبذولة لمكافحة سرطان الرئة، ابتكر فريق من الباحثين في مستشفى ماساتشوستس العام بجامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية، أداة ذكاء اصطناعي يمكنها التنبؤ بما إذا كان الشخص سيصاب بسرطان الرئة لمدة تصل إلى ست سنوات قبلها، أطلقوا عليها اسم “سيبيل”.
وعمل الفريق البحثي على تدريب “سيبيل” وتغذيتها بالمعلومات من فحوصات الرئة لمرضى في الولايات المتحدة وتايوان على مدار 6 سنوات، وأظهرت نتائج الدراسة أن “سيبيل” حققت درجات علمية تعتبر “جيدة” و”قوية” في التنبؤ بسرطان الرئة على مدى ست سنوات، لكن توقعاته كانت أكثر دقة في التنبؤ بإصابة الفرد بالمرض قبل عام واحد، يستخدم الباحثون أيضًا الذكاء الاصطناعي لتتبع تطور سرطان البروستاتا أو سرطان الثدي أو حتى إعادة نمو الأورام بعد الخضوع للعلاج.
وقال فلوريان فينتلمان، اختصاصي الأشعة التداخلية في مركز ماساتشوستس للسرطان العام والمؤلف المشارك للدراسة، إن سرطان الرئة أكبر قاتل حيث إنه السبب الرئيسي الثاني للوفيات حول العالم، لأنه شائع ويصعب علاجه، لكن حال اكتشافه مبكرا فستكون النتيجة على المدى الطويل أفضل بشكل واضح.
كيف تعمل “سيبيل”؟
تعتمد “سيبيل” بشكل أساسي في عملها على تحليل مجموعات كبيرة من عمليات المسح الطبي أو مجموعات البيانات أو الصور، لتكتشف صور الأورام أو التشوهات الأخرى بشكل أكثر دقة وسرعة من العين البشرية.
قد لا يحصل كبار السن والفقراء على الفحوصات بسبب التمويل المحدود، بالإضافة إلى استبعاد العديد من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان الرئة ممن لم يدخنوا مطلقًا أو أقلعوا عن التدخين منذ أكثر من 15 عامًا، مما يجعلهم غير مؤهلين لإجراء فحوصات في الولايات المتحدة.
أما من ستشملهم الفحوصات وهم المدخنون، فسيتم إخضاعهم لفحوصات التصوير المقطعي المحوسب بجرعات منخفضة، والتي تسمى LDCT، ثم تقوم “سيبيل” بتحليل الصور دون مساعدة أخصائيي الأشعة، وتعطي نتيجة إن كان الشخص سيصاب خلال الفترة المقبلة من عدمه.
بالنسبة لأولئك الذين يمكنهم الخضوع للفحص ، فإن الطريقة الأكثر شيوعًا هي استخدام فحوصات التصوير المقطعي المحوسب بجرعات منخفضة ، والتي تسمى LDCT. أنشأ الباحثون Sybil لتفعيل عملية الفحص، مما يسمح للبرامج بتحليل صور LDCT دون مساعدة أخصائيي الأشعة للتنبؤ بمخاطر الإصابة بالسرطان لمدة تصل إلى ست سنوات مقدمًا.
تحذيرات من الاستعجال
حذر خبراء طبيون من أن برنامج السرطان يتطلب مزيدًا من الدراسة قبل استخدامه في العيادات، وينبغي عدم الاستعجال في تعميمه كأداة معتمدة في هذا المجال، ومن الضروري إجراء المزيد من الاختبارات لمعرفة مدى جودة عمل البرنامج على مجموعة متنوعة من المرضى، باستخدام ماسحات ضوئية وأدوات مختلفة.
كما طالب الخبراء بتحليل نتائج توقعات “سيبيل” بدقة لمعرفة إن كان يفيد الأشخاص بالفعل، إما من خلال مساعدتهم على العيش لفترة أطول أو الوقاية من السرطان أو توفير الوقت والمال.
وكان للباحثون من هارفارد وهولندا الرأي نفسه، حيث يرون أن المهارات اللازمة لترجمة المعلومات الناتجة عن خوارزميات الذكاء الاصطناعي لا تزال في المرحلة الناشئة، وحتى مع أدوات الكشف هذه، لا يزال الأطباء بحاجة إلى إجراء التشخيصات وتصميم خطط العلاج وإدارة الرعاية الشاملة.
وجاء رد باحثو معهد ماساتشوستس للتقنية إنهم سيواصلون عملهم، حيث قالت ليسيا سيكيست، مديرة مركز الابتكار في الكشف المبكر عن السرطان في مستشفى ماساتشوستس العام، إن الخطوة التالية المثيرة في البحث هي اختبار “سيبيل” مستقبليًا على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بسرطان الرئة الذين لم يدخنوا أو الذين أقلعوا عن التدخين منذ عقود.
7 سيناريوهات للحرب في أوكرانيا.. هكذا يتطور صراع الدب الروسي ضد العالم
بعد مرور 3 سنوات.. هل حقق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أهدافه؟
