عالم

تقرير أممي.. تراجع التنمية البشرية لأدنى مستوياتها منذ 3 عقود

يحذر أحدث تقرير للأمم المتحدة حول التنمية البشرية، والذي صدر الخميس الماضي، من أن الأزمات المتعددة التي يعيشها العالم تعيق التقدم في التنمية البشرية، مشيرة إلى تراجع التنمية في معظم بلدان العالم. تتصدر جائحة COVID-19 والغزو الروسي لأوكرانيا قائمة الأحداث التي تسببت في حدوث اضطراب عالمي كبير، والتي جاءت على رأس التحولات الاجتماعية والاقتصادية الكاسحة، والزيادة الهائلة في الاستقطاب.

تراجع لم يحدث منذ ثلاثة عقود

للمرة الأولى منذ 32 عامًا، انخفض مؤشر التنمية البشرية، الذي يقيس الصحة والتعليم ومستوى المعيشة على مستوى العالم لمدة عامين متتاليين، وهو ما يشير إلى تفاقم الأزمة في العديد من البلدان لاسيما أن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، من أكثر المتضررين. تراجعت التنمية البشرية إلى مستويات عام 2016، مما أدى إلى عكس الكثير من التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشكل خطة عام 2030، وهي مخطط الأمم المتحدة لمستقبل أكثر عدلاً للناس والكوكب.

ومن جانبه قال “أخيم شتاينر”، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “العالم يتدافع للاستجابة للأزمات المتتالية، لقد رأينا من خلال أزمات تكلفة المعيشة والطاقة أن الحلول السريعة مثل دعم الوقود الأحفوري وتقديم الإعانات قد تؤخر التنمية، لأن تكتيكات الإغاثة الفورية تؤخر التغييرات المنهجية طويلة الأجل التي يجب أن نقوم بها”.

ودعا “شتاينر”، إلى ضرورة التكاتف العالمي لمواجهة “التحديات المشتركة والمترابطة”، لكنه أقر بأن المجتمع الدولي “مشلول حاليًا ولا يمكنه التغيير”. وتشير الدراسة إلى انعدام الأمن واستقطاب الآراء الذي يعيق الجهود المبذولة لتحقيق التضامن المطلوب لمواجهة التحديات العالمية الكبرى، حيث تشير البيانات إلى أن الأشخاص الأكثر انعدامًا للأمن هم أكثر عرضة لتبني وجهات نظر متطرفة.

واقع جديد فرضته الجائحة

يصف التقرير الوباء في عامه الثالث بأنه “نافذة على واقع جديد”، إذ رحب التقرير بتطوير لقاحات معتبرًا إياها إنجازًا هائلاً ، يُنسب إليه الفضل في إنقاذ حوالي 20 مليون شخص ، وإظهار القوة الهائلة للابتكار المقترن بالإرادة السياسية. ولفت التقرير إلى أن إطلاق اللقاحات كشف عن التفاوتات الهائلة في الاقتصاد العالمي، حيث استطاعت بعض الدول الحصول على الأمصال واللقاحات بسهولة بينما كان الأمر صعبًا في العديد من البلدان منخفضة الدخل.

مسار جديد برؤية مختلفة

ووفقًا للتقرير يمكن الاستفادة من تجربة السنوات الثلاث الماضية لإظهار ما نحن قادرون عليه، عندما نتجاوز الطرق التقليدية، ومما سيقودنا إلى تحويل مؤسساتنا لتكون أكثر ملاءمة لعالم اليوم. ويقول “شتاينر”، إن العالم أمام نافذة ضيقة لإعادة تهيئة الأنظمة، وتأمين مستقبل قائم على عمل مناخي حاسم وتوفير فرص متجددة للجميع”.

ويتضمن هذا الاتجاه الجديد تنفيذ سياسات تركز على الاستثمار، من الطاقة المتجددة إلى التأهب للأوبئة، والتأمين، بما في ذلك الحماية الاجتماعية، لإعداد المجتمعات لتقلبات عالم ملتبس، والابتكار الذي يساعد البلدان على الاستجابة بشكل أفضل لأي تحديات قادمة.

ويقول بيدرو كونسيساو من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمؤلف الرئيسي للتقرير: “للتغلب على ما نعيشه الآن، نحتاج إلى مضاعفة جهودنا في مجال التنمية البشرية والنظر إلى ما يتجاوز تحسين ثروات الناس أو صحتهم، علينا أيضاً أن نحمي الكوكب ونزود الناس بالأدوات التي يحتاجون إليها ليشعروا بقدر أكبر من الأمان، وليستعيدوا الشعور بالسيطرة على حياتهم والأمل في المستقبل.”