مع اقتراب فصل الشتاء يتزايد القلق في أوروبا من تأثير أزمة الطاقة، خاصة مع احتدام الصراع بين الكتلة الأوروبية والدب الروسي حول الغاز، وهو الورقة التي يستخدمها “بوتين”، في الضغط على حلفاء أوكرانيا التي يحتل جزء كبير من أراضيها.
الحرب مستمرة ويبدو أنها لن تتوقف قبل الشتاء كما كان يأمل الأوروبيون، لذلك فهم الآن مضطرون لبحث مصيرهم بدون الغاز الروسي، وسبل تسيير أمورهم بدونه.
محاور الخطة المسربة
خرجت بعض التقارير التي تحمل عنوان “تسريبات بروكسل”، والتي تتضمن الخطة الأوروبية لتوفير الكهرباء دون الحاجة للغاز الروسي، وتتمثل الفكرة الرئيسية لهذه الخطة، في تقليل الطلب على الكهرباء بطريقة منظمة، على أن يتم الابتعاد عن الاستخدام في أوقات الذروة كأول خطة، أما الخطوة الثانية والأكثر تقنية، تتمثل في ضرورة وضع شركات الطاقة غير الغازية حدًا أقصى للسعر.
يمكن للاتحاد الأوروبي أن يضع حدًا أقصى لسعر الكهرباء التي يولدها المنتجون من غير الغاز، أي مصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية ، بهدف زيادة الإيرادات الإضافية للأسر التي تعاني من ضغوط مالية، وفقًا لمسودة الخطط التي وزعتها المفوضية الأوروبية.
يجب أن يكون هذا الإجراء مصحوبًا بخطة على مستوى الاتحاد الأوروبي لخفض الطلب على الكهرباء، على غرار خطة خفض الغاز بنسبة 15% المتفق عليها قبل العطلة الصيفية.
الأفكار، الواردة في ورقة غير رسمية تم تسريبها اطلعت عليها رويترز ووسائل إعلام أخرى، لا تشكل إعلانًا رسميًا للسياسة ومن المقرر أن يناقشها وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي عندما يجتمعون يوم الجمعة المقبل في اجتماع طارئ.
يأتي التسرب بعد أيام فقط من إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “تدخلًا طارئًا” و”إصلاح هيكلي” في سوق الكهرباء لترويض الأسعار المتصاعدة التي تعصف بالأسر والشركات على حدٍ سواء.
الغاز المسال بديل منقذ
تقف دول الاتحاد الأوروبي الآن أما تحدي واضح، وهو سرعة توفير البديل المناسب للغاز الروسي، ومن ثم العمل على زيادة مخزون الطاقة قبل حلول الشتاء، وهو نجحت فيه فرنسا التي وصل مخزونها لـ 90%، وهي نسبة تفوق المعدل الأوروبي الذي يبلغ 80٪، حيث تعاني العديد من الدول مثل النمسا أو بلغاريا أو المجر، لأنها لا زالت بعيدة عن النسبة المستهدفة.
ومن ضمن الحلول التي يجري بحثها هي اللجوء لبعض الدول المنتجة للغاز الطبيعي المسال لتعويض النقص، ومن أبرزها الجزائر، التي لديها خطوط نقل إلى إيطاليا وفرنسا، وقطر التي تنقله إلى ألمانيا.
تعتبر ألمانيا وفقًا لما أعلنه مستشارها أولاف شولتز، في وضع جيد، حيث من المتوقع أن يصل مخزونها في مطلع نوفمبر 95%، وهو ما سيجعلها في مأمن من التهديدات الروسية، وذلك بفضل الخطة التي أطلقتها في يوليو الماضي، والتي تضمنت زيادة الاعتماد على الفحم، بالإضافة إلى تقليل استهلاك المباني العامة والمراكز التجارية للطاقة، بجانب تخصيص مبلغ 1.5 مليار يورو لشراء الغاز الطبيعي المسال من قطر والولايات المتحدة.
وعلى نفس الطريق تسير إسبانيا التي اتجهت بشكل سريع إلى الاعتماد على الغاز المسال من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تستهدف مدريد أن تتحول إلى منصة رئيسية لنقل الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.
أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم.. هل يصبح بديلًا عن الغاز الروسي؟
صفقة أمريكية أوروبية.. كيف سيحدون من الاعتماد على الغاز الروسي؟
الأنظار تتجه إلى الغاز الجزائري.. هل يستطيع تعويض أوروبا عن الغاز الروسي؟