منوعات

ما حقيقة رفض مصر لتمثال الحرية وقبوله من أمريكا؟

تمثال الحرية عبارة عن امرأة ترتدي وشاحًا يونانيًا وتحمل مشعلًا في إحدى يديها، وتمسك بالأخرى كتابًا، ويتغنى الملايين باسمها، فمن هي؟

إنها الحرية كما تخيلها الفنان الفرنسي فريدريك أوغستيه بارتولدي الذي صمم تمثال الحرية الشهير القائم عند مدخل مدينة نيويورك، والذي أصبح أحد أشهر التماثيل في العالم، ورمزًا عالميًا للحرية.

واستخدم بارتولدي، الذي وُلد في إقليم الألزاس الواقع شمال غرب فرنسا عام 1834، السلاسل المفككة عند قدم التمثال للتعبير عن التخلص من الطغيان، واستخدم تاجًا له سبعة أعمدة للتعبير عن القارات والبحور السبع في العالم كما جاءت في الأساطير اليونانية، ويحمل التمثال كتابا عليه عبارة باللاتينية هي “4 يوليو 1776″، وهو يوم عيد الاستقلال في الولايات المتحدة.

يظهر التمثال بصورة من يخطو إلى الأمام للتعبير عن التقدم نحو الحرية، ويحمل مشعلا للتعبير عن أن الحرية تتحقق بالاستنارة، ومن هنا جاء الاسم الرسمي للتمثال وهو “الحرية تنير العالم”.

وأزيح الستار عنه رسميا في 28 أكتوبر عام 1884 بعد إتمام صناعته في ورش العاصمة الفرنسية باريس.

وقرر الرئيس الأمريكي وقتها غروفر كليفيلاند قبول تمثال الحرية بالنيابة عن الشعب الأمريكي كهدية من فرنسا للتعبير عن الصداقة بين الشعبين.

فلاحة مصرية

ويقول موقع إدارة الحدائق الوطنية الأمريكية إن بارتولدي درس في وقت مبكر من حياته المهنية الفن والنحت والعمارة على نطاق واسع.

وانطلق بارتولدي في عام 1855 في رحلة غيرت حياته في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط مع بعض زملائه الفنانين.

وعندما زاروا أبو الهول وأهرامات الجيزة في مصر، اكتشف بارتولدي شغفه بالمنحوتات الضخمة بحسب موقع إدارة الحدائق الوطنية الأمريكية.

وقد أعربت الحكومة المصرية في عام 1869 عن اهتمامها بتصميم منارة لقناة السويس. فصمم بارتولدي تمثالا ضخما على شكل امرأة ترتدي وشاحا وتحمل شعلة، وسماها مصر.

كما قال ريجيه أوبير، مدير متحف بارتولدي في مدينة كولمار مسقط رأس بارتولدي في فرنسا، في تقرير نشرته بي بي سي في عام 2005 إنه من اللافت للنظر أن النسخة الأولى من تمثال الحرية كانت من المفترض أن تكون في قناة السويس في مصر، وليس عند مدخل نيويورك في الولايات المتحدة.

وأضاف قائلا إن بارتولدي أعجب كثيراً بأعمال قدماء المصريين، واستوحى منها فكرة المرأة التي تحمل مشعل النور كي تكون منارة لقناة السويس التي كان يجري العمل في حفرها في ذلك الحين، وكان من المفترض افتتاحها عام 1869.

وتابع أوبير قائلا إن بارتولدي عاد لمصر مرة ثانية عام 1869، وقدم فكرته إلى الخديوي إسماعيل، حاكم مصر وقتها، في صورة ماكيت أولي للمشروع يحمل اسم “مصر منارة الشرق” ليتم وضعه عند المدخل الجنوبي لقناة السويس.

وعلى الرغم من تشجيع الخديوي إسماعيل للمشروع في بادئ الأمر، إلا أنه عاد بعد فترة وتراجع عنه، وانتهى الأمر بأن المشروع الأول لفكرة تمثال الحرية لم ير النور ذلك أنه عندما حضر بارتولدي حفل افتتاح القناة تم إبلاغه بصرف النظر عن المشروع حيث أن إفلاس الخديوي إسماعيل حاكم مصر حينئذ حال دون إكماله.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إن التصميم الذي قدمه بارتولدي للخديوي كان على شكل فلاحة مصرية، ولسوء الحظ لم يترك بارتولدي أي سجلات تشير إلى قصتها الشخصية.

وعلى الرغم من ذلك، لم يكن اختيار امرأة من قبيل الصدفة حيث كان بارتولدي مدركا للتقليد الفني الأوروبي الممتد لقرون من الزمن في تجسيد القيم والأفكار وحتى البلدان في أشكال النساء.

وكان من المقرر وضع هذا التمثال الضخم في وسط قناة السويس فوق قاعدة ضخمة. بحسب دائرة المعارف البريطانية.

كما تقول دائرة المعارف البريطانية أيضا إن ذلك التمثال كان سيشكل مصدر فخر للمصريين من جميع الطبقات الاجتماعية، فقد كانت منارة في شكل فلاحة مصرية تحمل شعلة عالية ويشع النور من رأسها عندما تمر سفن من دول لا حصر لها من تحتها، فقد كان يُنظر إلى هذه المرأة على أنها التجسيد المادي لمصر وتقدمها.

ولكن رغم إعجاب الخديوي إسماعيل بالتصميم إلا أن الوضع الاقتصادي في مصر آنذاك أدى لإلغاء المشروع.

من مصر إلى نيويورك

ظلت الفكرة حاضرة في ذهن بارتولدي يبحث عن طريقة لتنفيذها. وفي ذلك الوقت اقترحت مجموعة من المفكرين الفرنسيين تقديم تمثال يعبر عن فكرة الاستقلال والحرية كهدية من فرنسا إلى الشعب الأمريكي، وكرمز للمساعدة التي قدمتها فرنسا للأمريكيين خلال حرب الاستقلال.

وسرعان ما التقط بارتولدي، الذي كان فنانا ذائع الصيت وقتها، خيط الفكرة، وقدم مشروعه القديم لإنشاء منارة لقناة السويس ليصبح تمثال الحرية في نيويورك، بعد إدخال تعديلات عليه تضمنت تغيير الثوب الفلاحي المصري إلى ثوب يوناني والضوء بات يشع من الشعلة وليس الرأس.

وسافر بارتولدي إلى الولايات المتحدة لإقناع المسؤولين الأمريكيين بفكرته عام 1871، وبالفعل حصل على موافقة الحكومة الأمريكية، وتم الإعلان عن حملة لجمع التبرعات لإقامة قاعدة التمثال عام 1875، وأخيرا افتتح رسميا عام 1886.

السعودية ومصر حالة خاصة من الترابط الثقافي

فيديوهات تاريخية تستعرض دعم ملوك السعودية لمصر في الأزمات

جولة ولي العهد.. السعودية ومصر توقعان 14 اتفاقية تجارة بـ 7.7 مليار دولار