منوعات اقتصاد

قناة السويس .. قصة الممر الملاحي الذي حفره المصريون بدمائهم

تعتبر قناة السويس أحد أهم شرايين الحياة لمصر، فهي ممر ملاحي عالمي يدر على مصر يوميًا مليارات الدولارات، وفي ذكرى بدء حفرها، نستعرض لكم تاريخها وأهم التضحيات التي قدمها المصريون في هذا الممر الملاحي العالمي.

130 ألف ضحية

المصريون دفعوا فاتورة ضخمة في حفر قناة السويس، فدماء نحو 130 ألف مصري جرت فيها، وهذا يساوي الكثير، القناة بدء حفرها في أبريل 1859، وذلك بعدما قام “فرديناند ديليسيبس” بإقناع “عباس باشا”، حاكم مصر بحفر القناة، ثم قامت بتأسيس شركة لإدارتها.

قناة السويس تم افتتاحها في نوفمبر 1869 في عهد الخديوي اسماعيل، وكانت حصة مصر من أرباح القناة ضعيفة جدًا فكانت تبلغ 15% فقط من الأرباح، وهو ما اضطرها لبيعها بعد ذلك لبريطانيا، فخيرات القناة ليست لمصر بالرغم من أنها بنيت بدماء وسواعد المصريين، حيث ذكر كتاب “قناة السويس… ملحمة شعب وحلم أجيال”، الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم المصرية عام 2014، أن قناة السويس اشترك في حفرها نحو مليون عامل مصري، واستشهد أثناء الحفر نحو 100 ألف.

أرقام ضحايا حفر قناة السويس ضخمة بسبب المعاملة غير الآدمية التي كان يلقاها هؤلاء العمال في ظروف مناخية وجغرافية قاسية للغاية، إذ تقول “نتالي مونتل”، وهي باحثة فرنسية معاصرة في كتابها “ورشة حفر قناة السويس”، والذي قام بترجمته المؤرخ المصري الدكتور رؤوف عباس، إن العمال المصريين الذين شاركوا في حفر قناة السويس قد واجهوا العديد من الصعوبات أبرزها عدم توافر المياه وهي العنصر الضروري لمواجهة الصعاب في الصحراء.

 

العمل في السخرة

وأكدت “مونتل”، أن جلب المصريين للعمل في السخرة هناك كان بفرمان من سعيد باشا، حاكم مصر وقتها، و بالفعل كان يتم جلب حوالي 10 آلاف عامل كل شهر، ووصل الرقم إلى 25 ألفاً بعد عام 1861.

وأوضحت الباحثة الفرنسية “مونتل”، أن قناة السويس أثناء الحفر كان بها نوعين من الحياة، أولهما المطاعم والمخابز ومحالّ بيع المشروبات والمغاسل والمقاهي، وحتى البارات للصفوة الأجنبية، وجزارات وورش خياطة وصالونات حلاقة وحمامات للأجانب، وحياة أخرى بائسة يعيشها العمال المصريين الذين يتم جلبهم للعمل في السخرة، حيث كانوا يموتون من التعب والجفاف ومن القهر والذل في كثير من الأحيان.

[two-column]

مدينة الزقازيق كانت تعتبر منطقة فرز العمال، قبل إرسالهم للمشاركة في أعمال الحفر، حيث كان يتم استبعاد أصحاب الأجسام النحيلة ويتم انتقاء الأقوياء، ومن ثم يرسلوا إلى منطقة القناة سيراً على الأقدام في رحلة تستغرق 4 أيام

[/two-column]

وبالاطلاع على مجموعة التقارير الطبية المحفوظة في مكتبة بلدية الإسكندرية، سنجد أن النزلات الشعبية والأمراض الصدرية والرمدية وحالات الإسهال الشديد، والدوسنتاريا وأمراض الكبد والجدري والسل كانت الأكثر انتشارًا بين العمال المصريين، ثم جاءت الكوليرا في صيف 1865، وفتكت بالعمال المصريين وحصدت أرواح الآلاف لدرجة أن الشركة المسؤولة عن الحفر لم تجد رجالًا لرفع جثث الموتى الذي كانوا يدفنون في الصحراء.

مدينة الزقازيق كانت تعتبر منطقة فرز العمال، قبل إرسالهم للمشاركة في أعمال الحفر، حيث كان يتم استبعاد أصحاب الأجسام النحيلة ويتم انتقاء الأقوياء، ومن ثم يرسلوا إلى منطقة القناة سيراً على الأقدام في رحلة تستغرق 4 أيام، كما لم يتوقف الذل عن هذا الحد بل كانوا يرسلون مقيّدون بالحبال، يحمل كل منهم قارورة ماء، وكيس خبز جاف.

وكانت في ذلك الوقت عمليات الحفر من المشاهد المحبب رؤيتها لدى السياح الأجانب، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة الأهرام المصرية في تقرير لها بتاريخ 12 مارس 2015.

وفي هذا السياق ذكر الدكتور عبد العزيز الشناوي أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، في كتابه “السخرة في حفر قناة السويس”، أن القناة التي يبلغ طولها 193 كيلومتراً، حفرت يدوياً، مؤكدًا أن شركة قناة السويس، لم تستقدم أي آلات ميكانيكية باستثناء “كراكتين”، قوة كل منهما 20 حصاناً، أحضرتهما قبل شهر من بدء الحفر رسمياً، رغم طول القناة واتساعها وعمقها، ما يعني أن النية كانت مبيّتة لاستغلال الشعب المصري في حفر القناة.

 

تعويم سفينة بعد جنوحها في الممر الملاحي لقناة السويس

في مثل هذا اليوم.. وقوع معركة أحد وذكرى جنوح السفينة في قناة السويس

بعد عام من إغلاقها قناة السويس.. سفينة Evergreen تجنح في خليج تشيسابيك