ينبض قصر أباجيفار، بمدينة جيما بإقليم أوروميا الإثيوبي، بالتاريخ الإسلامي لهذه المنطقة الشاهدة على آخر الممالك الإسلامية في البلاد، قبل 144 عاماً؛ ليظل رمزاً إسلامياً ضارباً في عمق الماضي؛ ومُعبراً عن أصالة الإنسان والمكان.
وينطق الطراز المعماري للقصر، عن روعة ما أنتجت يد الحضارة الإسلامية من هندسة وفنون إبداعية، وقدرة عالية على التخطيط، التي تبدو ظاهرة على معالم القصر الشامخ رغم تعاقب الأزمة عليه.
عراقة البناء
شُيد قصر أباجيفار، في السبعينيات من القرن الـ18، على بعد 7 كيلومترات من مدينة جيما جنوب غرب إثيوبيا، وعلى ارتفاع 2020 قدما، يطل من على جبل في منطقة تعرف بـ”جرين”، كمقر سياسي وإداري للملوك الذين تعاقبوا في حكم آخر مملكة إسلامية بإثيوبيا، إذ يعد الأهم والأكبر ضمن 4 قصور في المنطقة.
وجرى بناء القصر ومعه مسجد يقع بداخله، من مواد تتنوع الطين والجير المخلوط بمواد كالبيض والقمح بالحجارة الجيرية، وتدعيمها بمسامير كانت تنتج محلياً، حيث شارك في بنائهما نحو 3 آلاف من أبناء قومية الأوروم.
ويتشكل القصر من 29 غرفة، و54 نافذة، و65 بوابة، وغرف مخصصة للنوم وصالة للوجبات واستراحة الضيوف، و يضم مسجداً كبيراً، فضلاً عن تحصنه بقلعة ذات 4 بوابات ترصد من خلالها جميع الجهات. وتتنوع أسماء أبواب القصر، ومنها “باب شوا” الذي يتوجه إلى العاصمة أديس أبابا، و”باب كفا” و”باب ليمو”، و”باب داورو”، وجميعها أسماء لمناطق رئيسية في تلك الحقبة.
موقع مثالي
يحظى القصر بموقع استراتيجي، اختاره ملك أباجيفار في منطقة جبلية لتحقيق العديد من المزايا، ومنها جعله محطة رئيسية للسيطرة على مركز التجارة، ولمتابعة ورصد جميع الأنشطة من داخل القصر، بالإضافة إلى الحماية الصحية بهدف البُعد والوقاية من الأمراض المعدية التي انتشرت في تلك الفترة، وفقاً لـ”العين الإخبارية”.
وقد أشرف على بناء قصر أباجيفار، المهندس الهندي، تكام تاليموشي، أحد أمهر الفنانين في الفنون الخشبية والفنون الجميلة في تلك الفترة، حيث جرى البدء ببناء المسجد أولاً داخل السور، ثم البدء في بناء القصر، التزاماً بثقافة شعب جيما التي تركز أولا على بناء المسجد.
مؤسس القصر
شيد القصر للملك أباجيفار (1878 – 1932م)، وهو الملك محمد بن داود بن علي بن دِنْغِلا، الذي ولد عام 1863م، وسرعان ما أتم حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على يد والدته، وأجاد معه دراسة التوحيد والفقه، إلى أن أصبح ملكا لجما في العام 1878 خلفا لوالده داود بن علي المعروف بـ”أبا غمول”، وهو ثامن ملوك (جيما) الإسلامية.
ونجح أباجيفار، في توطيد علاقته بالدول العربية، ومنها المملكة العربية السعودية ومصر وعمان، فهذا ما تبوح به الهدايا والآثار التاريخية الإسلامية الموجودة بالمتحف القومي لمدينة جيما الواقعة على بُعد 335 كيلو متراً من العاصمة أديس أبابا، ويبلغ تعدادها 3 ملايين نسمة، حيث لا تزال تتدثر بالطابع الإسلامي، وتشتهر بتجارة العسل والبن والمواشي والمنتجات الزراعية الأخرى.
صديق بوتين.. بريطانيون يحتلون قصر ملياردير روسي في لندن
سد النهضة: إثيوبيا تبدأ رسمياً عملية إنتاج الكهرباء من المشروع
اختبار سري يخضع له مدبري المنزل قبل العمل في قصر “باكنغهام”!
