كان الأول من يناير هو اليوم الذي حدده الرئيس الـ16 للولايات المتحدة الأمريكية، أبراهام لينكولن، ليكون جميع الأشخاص المستعبدين في الولايات المنخرطة في تمرد ضد الاتحاد “أحرارًا إلى الأبد”، وذلك عندما أصدر إعلان التحرير الأولي للعبيد في 22 سبتمبر 1862، ما جعله يعيد صياغة الحرب الأهلية باعتبارها معركة ضد العبودية.
لم يُحرر لينكولن وقتها جميع الرجال والنساء والأطفال العبيد، الذين يقرب عددهم حينها من 4 ملايين، إذ كانت الوثيقة التي أصدرها تنطبق على المستعبدين في الولايات الكونفدرالية فقط، وليس على أولئك الموجودين في الولايات الحدودية التي ظلت موالية للاتحاد.
عندما اندلعت الحرب الأهلية في عام 1861، بعد فترة وجيزة من تنصيب لينكولن رئيسًا للولايات المتحدة، أكد أن الحرب كانت تدور حول استعادة الوحدة وليس حول العبودية، وتجنب إصدار إعلان مناهض للعبودية على الفور، رغم إلحاح دعاة إلغاء الرق والجمهوريين، ورغم اعتقاده شخصيًا بأن العبودية كانت بغيضة أخلاقيًا، إذ رأى لينكولن أن التحرك بحذر سيمكنه من الحصول على دعم واسع من الجمهور لمثل هذا الإجراء.
في يوليو 1862، أبلغ لينكولن مجلس وزرائه أنه سيصدر إعلان تحرير العبيد، لكنه لن يشمل ما يسمى بالولايات الحدودية، التي كان فيها مالكو عبيد لكنها ظلت موالية للاتحاد.
أقنعته حكومته بعدم إصدار هذا الإعلان إلا بعد فوز الاتحاد، وبالفعل جاءت فرصة لينكولن بعد فوز الاتحاد في معركة أنتيتام في سبتمبر 1862. وفي 22 سبتمبر، أعلن الرئيس أن العبيد في المناطق التي لا تزال في حالة تمرد خلال 100 يوم سيكونون أحرارًا.
في الأول من يناير 1863، أصدر لينكولن إعلان التحرير النهائي، الذي نص على أن “جميع الأشخاص المحتجزين كعبيد” داخل الولايات المتمردة “سيكونون من الآن فصاعدًا أحرارًا”، كما دعا الإعلان إلى تجنيد وإنشاء وحدات عسكرية سوداء بين قوات الاتحاد، فانضم ما يقدر بنحو 180 ألف أمريكي من أصل إفريقي للخدمة في الجيش، فيما خدم 18 ألفًا آخرين في البحرية.
كان الإعلان أمرًا رئاسيًا وليس قانونًا أقره الكونجرس، ما دفع لينكولن بعدها لتعديل دستور الولايات المتحدة ضد العبودية لضمان استمراره. ومع مرور التعديل الثالث عشر في عام 1865، قُضِي على العبودية في جميع أنحاء أمريكا.
كولما.. مدينة الموتى في الولايات المتحدة