أعلن قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، استعادة السيطرة الكاملة على الخرطوم، وقال، من داخل القصر الرئاسي، إن العاصمة أصبحت «حرة»، في إشارة إلى دحر قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على أجزاء واسعة منها منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023.
جاء إعلان البرهان بعد سلسلة عمليات عسكرية نفذها الجيش السوداني في الأيام الأخيرة، شملت تطويق مطار الخرطوم واستعادة مواقع استراتيجية مثل مقر المخابرات العامة والبنك المركزي وفندق كورينثيا، إضافة إلى عدد من المنشآت الحكومية.
ووفق مصادر عسكرية، تمكن الجيش من إخراج قوات الدعم السريع من مناطق وسط الخرطوم بعد مواجهات عنيفة.
قال مصدران عسكريان، لوكالة «رويترز»، إن الجيش يحاصر مطار الخرطوم، آخر معاقل قوات الدعم السريع في العاصمة، فيما بثت قناة «الجزيرة» لقطات قيل إنها تُظهر البرهان داخل القصر الجمهوري.
وبينما لم تتمكن جهات مستقلة من التحقق من صحة التسجيلات المصورة، نشرت القوات المسلحة السودانية خرائط توضح مدى سيطرتها على العاصمة، مشيرة إلى أنها استحوذت على نحو 70% من أراضي الخرطوم.
في ظل احتدام المعارك، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن «صدمته العميقة» إزاء تقارير تفيد بسقوط مئات المدنيين جراء قصف جوي نفذته القوات السودانية على سوق في إقليم دارفور.
وقال تورك، في بيان، إن «الهجمات العشوائية على المدنيين غير مقبولة وقد ترقى إلى جرائم حرب»، مؤكدًا ضرورة عدم تحول مثل هذه الانتهاكات إلى أمر طبيعي.
تمكنت القوات المسلحة من إحكام قبضتها على القصر الجمهوري بعد عمليات استمرت عدة أيام، شملت قصفًا مكثفًا لمواقع تمركز قوات الدعم السريع.
وشهدت المنطقة المحيطة بالقصر معارك شرسة، حيث استخدمت القوات الحكومية الدبابات والطائرات المسيرة لإخراج مقاتلي الدعم السريع الذين تحصنوا في المباني المرتفعة.
يأتي هذا التطور بعد عامين تقريبًا من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على القصر الرئاسي منذ الأيام الأولى للصراع.
وتعود جذور الأزمة إلى خلافات حول دمج قوات الدعم السريع داخل الجيش النظامي، وهي الخطوة التي رفضها قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما أدى إلى اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023.
إلى جانب القصر الجمهوري، أعلن الجيش السوداني، الأربعاء، استعادة السيطرة على مواقع استراتيجية عدة، منها:
كما سيطر على عدد من المباني الحيوية مثل مصرف الساحل والصحراء، وقاعة الصداقة، وبرج الشركة التعاونية في منطقة المقرن.
احتفل مواطنو منطقة الجريف غرب، شرق الخرطوم، بنجاح الجيش في استعادة السيطرة، حيث خرج العشرات إلى الشوارع مرددين الهتافات المؤيدة للقوات المسلحة.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد لمدنيين يلوحون بأعلام السودان في أثناء مرور الجنود في الشوارع.
رغم تقدم الجيش السوداني في استعادة العاصمة، ما تزال الحرب بعيدة عن نهايتها. فالمعارك مستمرة في مناطق أخرى، وسط توقعات بمحاولات لقوات الدعم السريع لاستعادة بعض المواقع المفقودة.
وشدد البرهان، في تصريحاته الأخيرة، على أن «لا تفاوض مع المتمردين ما لم يسلموا أسلحتهم»، ما يشير إلى استمرار التصعيد العسكري خلال الفترة المقبلة.