اقتصاد

تدخل عاجل من أردوغان لإنقاذ الليرة عقب موجة الاحتجاجات في تركيا

مع استمرار الاحتجاجات في تركيا إثر اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أنفق البنك المركزي نحو 12 مليار دولار، في تدخل قياسي لم تشهده الأسواق من قبل، بعدما أدى تحرك الرئيس رجب طيب أردوغان ضد إمام أوغلو إلى موجة بيع ضخمة للعملة

مع استمرار الاحتجاجات في تركيا إثر اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، تدخل البنك المركزي في سوق العملات في محاولة يائسة لإنقاذ الليرة التركية.

وأكدت مصادر مطلعة أن البنك أنفق نحو 12 مليار دولار، في تدخل قياسي لم تشهده الأسواق من قبل، بعدما أدى تحرك الرئيس رجب طيب أردوغان ضد إمام أوغلو إلى موجة بيع ضخمة للعملة، مما أثار ذعر المستثمرين وأدى إلى انخفاض غير مسبوق في قيمة الليرة التركية.

هبوط الليرة التركية وتصاعد المخاوف

انخفضت الليرة التركية بنسبة 11% مقابل الدولار الأمريكي، وهو أدنى مستوى تاريخي لها، مما دفع البنك المركزي إلى إنفاق 11.5 مليار دولار يوم الأربعاء وحده للدفاع عن العملة.

ووصف مصرفيون أتراك حالة السوق بـ”الخارجة عن السيطرة”، في حين أشار بنك “جي بي مورجان تشيس” إلى أن السيولة في سوق الليرة التركية تضررت بشدة بسبب التدفقات الخارجية الهائلة.

ورغم أن البنك المركزي رفض التعليق رسميًا، إلا أن محللين أكدوا أنه واصل تدخله في السوق يومي الخميس والجمعة، مما ساهم في تقليص خسائر الليرة إلى 3% خلال الأسبوع. ومع ذلك، شهد مؤشر “بيست 100” في بورصة إسطنبول تراجعًا حادًا بنسبة 8%، في أسوأ أداء أسبوعي له منذ عام 2008.

أردوغان يواجه اضطرابات سياسية متزايدة

يُعد أكرم إمام أوغلو أحد أبرز المنافسين السياسيين لأردوغان، وكان من المتوقع أن يترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة عن حزب الشعب الجمهوري.

وقد أدى اعتقاله إلى تصاعد الاحتجاجات في تركيا، حيث دعا الحزب المعارض إلى مظاهرات حاشدة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وردًا على ذلك، وصف أردوغان هذه التحركات بأنها “إرهاب الشارع”، في محاولة للحد من تصاعد الغضب الشعبي.

انعكاسات الأزمة على الاقتصاد التركي

تأتي هذه الاضطرابات في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد التركي، حيث يسعى وزير المالية محمد شيمشك إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى كبح التضخم وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وشملت هذه الإصلاحات رفع أسعار الفائدة إلى أكثر من 40% وزيادة الضرائب، في محاولة لتعزيز ثقة المستثمرين وتحقيق الاستقرار النقدي.

وقد نجحت بعض هذه الإجراءات في خفض التضخم من 85% إلى 39%، كما ارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 100 مليار دولار قبل التدخل الأخير، إلا أن التدخل القوي للدفاع عن الليرة أثار مخاوف من استنزاف هذه الاحتياطيات مرة أخرى، مما يزيد من القلق بشأن مستقبل الاقتصاد التركي.

مخاوف المستثمرين واستمرار الضبابية

رغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، لا تزال الأسواق المالية متوجسة من عودة أردوغان إلى سياسات اقتصادية غير تقليدية، خاصة بعد تدخله السابق في قرارات البنك المركزي.

وقد دفع هذا التوجس بعض المستثمرين إلى التريث، بينما لا يزال آخرون يستغلون الفرصة للاستفادة من أسعار الفائدة المرتفعة عبر “صفقات الحمل”، حيث ضخ المستثمرون نحو 35 مليار دولار في السوق التركية.

أزمة مركبة بين السياسة والاقتصاد

تُشكل الاحتجاجات في تركيا تحديًا مزدوجًا لأردوغان، حيث تتشابك الأزمة السياسية مع التداعيات الاقتصادية، مما يضع حكومته أمام اختبار صعب للحفاظ على استقرار الليرة التركية وإعادة بناء ثقة المستثمرين.

وبينما تواصل السلطات محاولاتها لاحتواء الأوضاع، يبقى التساؤل المطروح: هل ستنجح هذه الإجراءات في منع مزيد من التدهور، أم أن الاحتجاجات في تركيا ستدفع البلاد إلى أزمة أعمق؟

يمكنك أن تقرأ أيضًا:

إنفوجرافيك| إمام أوغلو.. رئيس تركيا القادم المحتمل رهن الاعتقال

حزب العمال الكردستاني ينهي حربًا استمرت 40 عامًا بتركيا
تركيا – روسيا – الاحتلال.. ما هي أهداف الثلاثي في سوريا؟