في أول خطاب له بعد فوزه الساحق بمنصب رئيس الوزراء الكندي خلفًا لجاستن ترودو، وجه مارك كارني رسالة قوية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرًا من “أيام حالكة مظلمة” تنتظر كندا بسبب سياسات ترامب. واتهمه بشكل مباشر بـ”مهاجمة العمال والأسر والشركات الكندية” عبر فرض رسوم جمركية غير مبررة تهدف إلى إضعاف الاقتصاد الكندي.
كندا ترد على التهديدات الاقتصادية الأمريكية
تعهد كارني بعدم السماح لواشنطن بالنجاح في محاولاتها لفرض سيطرتها الاقتصادية، مؤكدًا أن بلاده ستتخذ إجراءات انتقامية قوية تشمل فرض رسوم جمركية “بأقصى تأثير ممكن” على المنتجات الأمريكية. كما شدد على أن كندا ستواصل بناء شراكات تجارية جديدة مع حلفاء موثوقين لتعزيز أمنها الاقتصادي، قائلًا: “سنبني علاقات جديدة، ونؤمن حدودنا، وسنفرض تعريفات انتقامية ستظل قائمة ما لم تعاملنا الولايات المتحدة باحترام”.
رفض مطلق لأي محاولة للضم
لم يكتفِ كارني بمواجهة السياسات الاقتصادية لترامب، بل هاجم بشكل مباشر أي طموحات أمريكية للاستحواذ على موارد كندا، مؤكدًا أن بلاده لن تكون أبدًا جزءًا من الولايات المتحدة “بأي شكل أو طريقة”. وأضاف في لهجة حاسمة: “لم تطلب كندا القتال، ولكن إذا فُرض علينا، فسننتصر”.
فوز ساحق ولكن بقاء غير مضمون
حقق مارك كارني انتصارًا ساحقًا بحصوله على 85.9% من إجمالي 152 ألف صوت، متفوقًا بفارق كبير على كريستيا فريلاند، نائبة رئيس الوزراء السابقة، التي حصلت على 8% فقط من الأصوات. رغم هذا الفوز، إلا أن مستقبله السياسي غير مضمون، إذ يتعين على كندا إجراء انتخابات جديدة بحلول أكتوبر، مع احتمالية تقديم موعدها خلال أسابيع قليلة، في ظل تقدم حزب المحافظين المعارض في استطلاعات الرأي.
علاقة كارني بالمؤسسات المالية الدولية
قبل دخوله معترك السياسة، بنى مارك كارني مسيرة مهنية لامعة في قطاع البنوك والتمويل، حيث عمل لمدة 13 عامًا في جولدمان ساكس، ثم شغل منصب محافظ البنك المركزي الكندي، وبعدها أصبح أول مسؤول غير بريطاني يرأس بنك إنجلترا في عام 2013.
رغم كونه كنديًا، كان تعيينه لقيادة أحد أكبر البنوك المركزية في العالم قرارًا غير تقليدي، لكن سمعته العالمية كخبير اقتصادي بارز ساعدته على تحقيق هذا الإنجاز. وصفه وزير الخزانة البريطاني السابق جورج أوزبورن بأنه “رجل لا يخشى البيت الأبيض ولا دونالد ترامب”، معتبرًا أن خبرته ستساعد كندا والعالم الغربي في مواجهة سياسات ترامب الاقتصادية.
ترامب وكندا: تهديدات مستمرة
شهدت العلاقات بين كندا والولايات المتحدة توترًا كبيرًا في عهد ترامب، حيث تحدث الأخير مرارًا عن ضم كندا، وألقى بالاقتصاد الكندي في حالة من الفوضى بسبب فرض تعريفات جمركية مذهلة.
في ظل هذا المشهد، يبدو أن كارني يستعد لمعركة سياسية واقتصادية طويلة مع إدارة ترامب، حيث يهدف إلى حماية المصالح الكندية وتعزيز استقلال البلاد في مواجهة الضغوط الأمريكية.