مع تصاعد حدة التغير المناخي، أصبحت الحاجة إلى حلول مبتكرة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
في جميع أنحاء العالم، يعمل العلماء، ورجال الأعمال، والمجتمعات المحلية على تطوير تقنيات جديدة وتنفيذ استراتيجيات غير تقليدية لمواجهة التحديات البيئية من زوايا مختلفة.
ورغم أن مبادرات مثل الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية تحظى بشهرة واسعة، فإن هناك مشاريع أخرى أقل شهرة لكنها تقدم مقاربات إبداعية لخفض انبعاثات الكربون، واستعادة النظم البيئية، وتعزيز الطاقة المستدامة.
من احتجاز الكربون في الصخور البركانية بأيسلندا إلى إنشاء مزارع ضخمة من الطحالب البحرية لامتصاص ثاني أكسيد الكربون، تثبت هذه المبادرات أن الابتكار البشري قادر على مواجهة التحديات البيئية بطرق غير مسبوقة.
تحويل آبار النفط إلى محطات للطاقة الحرارية الجوفية
في الولايات المتحدة، توجد آلاف آبار النفط والغاز المهجورة التي يمكن إعادة استخدامها لتوليد الطاقة الحرارية الجوفية، وهي مصدر نظيف ومستدام للطاقة. تعمل شركة Fervo Energy على تحويل هذه الآبار إلى محطات جيولوجية للطاقة الحرارية، مما يحول إحدى المشكلات البيئية الكبرى إلى فرصة لإنتاج طاقة متجددة.
هذه التقنية لا توفر فقط مصدرًا جديدًا للطاقة النظيفة، بل تساهم أيضًا في تقليل انبعاثات الميثان، وهو أحد أقوى الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
تقليديًا، كانت الطاقة الحرارية الجوفية محدودة بالمواقع الجغرافية، لكن هذه المقاربة قد تجعلها أكثر انتشارًا وسهولة في الوصول، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويوفر حلًا عمليًا لمكافحة تغير المناخ.
تجوية الصخور المعززة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون
تجوية الصخور المعززة (ERW) هي تقنية مبتكرة تعتمد على تسريع عملية طبيعية تمتص الصخور من خلالها ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من الغلاف الجوي.
عندما تتحلل بعض الصخور، مثل البازلت، فإنها تمتص CO₂ بشكل طبيعي، ولكن هذه العملية تستغرق آلاف السنين.
تقنية ERW تسرّع هذه العملية من خلال سحق الصخور ونشرها في الأراضي الزراعية أو السواحل، حيث تتفاعل بسرعة مع ثاني أكسيد الكربون وتخزنه بشكل دائم.
شركة CarbonCycle تُجري تجارب ميدانية على المزارع لاختبار إمكانات هذه التقنية في عزل الكربون وتحسين صحة التربة.
رغم أن هذه الطريقة لا تزال في مراحلها التجريبية، إلا أن النتائج الأولية تشير إلى أنها قد تصبح حلاً فعالًا ومنخفض التكلفة لامتصاص الكربون.
حدائق الطاقة الشمسية المجتمعية
يواجه كثير من الأفراد صعوبة في تركيب الألواح الشمسية بسبب القيود المالية أو عدم توفر المساحة.
توفر حدائق الطاقة الشمسية المجتمعية حلًا لهذه المشكلة، حيث يتم تركيب ألواح شمسية في موقع مركزي، ويمكن للأفراد الاشتراك فيها والاستفادة من الطاقة المتولدة.
يحصل المشتركون على اعتمادات مالية على فواتير الكهرباء تعادل حصتهم من الطاقة الشمسية المولدة.
هذه المبادرات أصبحت شائعة في دنفر ومينيابوليس، حيث تتعاون المجتمعات المحلية لتمويل مشاريع الطاقة الشمسية.
تسهم هذه الحدائق في توسيع نطاق الطاقة المتجددة وجعلها أكثر شمولية وعدالة، مما يعزز الشعور بالمسؤولية البيئية الجماعية.
الطيران الكهربائي
قد يبدو الطيران الكهربائي فكرة مستقبلية، لكنه أصبح حقيقة واقعة، لا سيما في الرحلات القصيرة.
تعمل شركات مثل Ampaire وEviation على تطوير طائرات كهربائية قادرة على استبدال الطائرات التقليدية في الرحلات الإقليمية.
طائرة Alice التابعة لشركة Eviation، وهي أول طائرة كهربائية بالكامل، أكملت أول رحلة اختبارية في عام 2022.
هذه الطائرات لا تصدر أي انبعاثات كربونية أثناء الطيران، كما أنها أكثر هدوءًا من الطائرات التقليدية.
مع تطور تقنيات البطاريات، من المتوقع أن يبدأ تشغيل الطائرات الكهربائية تجاريًا خلال العقد المقبل، مما يمهد الطريق لقطاع طيران أكثر استدامة.
البايوشار
البايوشار هو نوع من الفحم الحيوي يتم إنتاجه عبر حرق المواد العضوية في بيئة منخفضة الأكسجين، مما يؤدي إلى احتجاز الكربون في صورة صلبة بدلاً من انبعاثه إلى الغلاف الجوي.
عند إضافته إلى التربة، يعمل البايوشار على تحسين خصوبتها، وتعزيز احتباس الماء، وزيادة إنتاجية المحاصيل.
كما يعمل على احتجاز الكربون في التربة لمئات أو حتى آلاف السنين، مما يجعله وسيلة فعالة لمكافحة تغير المناخ.
منظمة Carbon Gold تقود مشاريع تهدف إلى توسيع استخدام البايوشار في الزراعة، لا سيما في المناطق التي تعاني من تدهور التربة.
يتم حاليًا اختبار برامج تجريبية في الولايات المتحدة وكينيا، وتظهر نتائج واعدة في إمكانية توسيع نطاق استخدام البايوشار في الزراعة والغابات، مما يجعله أداة فعالة لتعزيز الأمن الغذائي وخفض انبعاثات الكربون في آنٍ واحد.