دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس المواطنين إلى الامتناع عن ذبح أضحية العيد هذا العام، مبررًا ذلك بالتحديات المناخية والاقتصادية التي أثرت على الثروة الحيوانية.
وأوضح الملك، في رسالة عبر التلفزيون المغربي، أن عيد الأضحى يمثل شعيرة دينية ذات دلالات روحية واجتماعية عميقة، غير أن الظروف الراهنة، المتمثلة في تراجع أعداد الماشية بسبب الجفاف والضغوط الاقتصادية، تجعل إقامة هذه الشعيرة هذا العام عبئًا على العديد من الأسر، لا سيما ذوي الدخل المحدود.
واستنادًا إلى القاعدة الشرعية التي ترفع الحرج عن المسلمين، دعا الملك، خلال رسالته التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، إلى الامتناع عن الذبح، مؤكدًا أنه سيتولى ذبح الأضحية نيابة عن شعبه، اقتداءً بالنبي محمد.
وفي المغرب الملك هو صاحب القرار في الشؤون الدينية بصفته «أمير المؤمنين».
لماذا دعا الملك إلى عدم الذبح؟
تشهد المملكة المغربية، كغيرها من الدول، أزمات متشابكة ناجمة عن التغيرات المناخية والاضطرابات الاقتصادية، وأدى الجفاف المستمر إلى انخفاض حاد في أعداد الماشية، مما انعكس على أسعار الأضاحي التي باتت تفوق قدرة شريحة واسعة من المواطنين.
وفي ظل هذه الظروف، جاءت الدعوة الملكية استجابةً لمقتضيات التيسير الشرعي، خاصة وأن الأضحية سنة مؤكدة لا يجب أن تأتي على حساب الاستقرار المعيشي للأسر الفقيرة.
وليست هذه المرة الأولى التي تتخذ فيها المملكة المغربية قرارًا مشابهًا، حيث سبق للملك الراحل الحسن الثاني، والد الملك محمد السادس، أن اتخذ قرارا مماثلا للأسباب نفسها في عام 1996.
كيف استقبل المغاربة القرار؟
وتعد شعيرة الأضحية من السنن المؤكدة في الإسلام، حيث يُضحى فيها بالمواشي، اقتداء بالنبي إبراهيم، وتقربًا لله وتوزيعًا للحوم على الفقراء
وأثار التوجيه الملكي ردود فعل متباينة بين المواطنين، حيث رأى البعض أنه خطوة حكيمة تراعي الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فيما عبّر آخرون عن شعورهم بالحزن لغياب الأضحية التي تمثل عادة اجتماعية متوارثة، وواحدة من شعائر الدين الإسلامي.
وعبّرت شخصيات دينية عن تأييدها للقرار، مشيرة إلى أن الشريعة الإسلامية تراعي الضرورات وتسمح بالتخفيف على المسلمين عند الحاجة، كما أكد فقهاء أن الامتناع عن الذبح في ظل الظروف الحالية يتماشى مع مقاصد الشريعة في رفع المشقة والحرج.
ما تأثير القرار على الاقتصاد؟
اقتصاديًا، يؤثر عيد الأضحى على عدة قطاعات، أبرزها تربية الماشية والتجارة المرتبطة باللحوم والجلود.
وبحسب خبراء، فإن إلغاء ذبح الأضاحي هذا العام سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الأغنام، مما قد يتسبب في خسائر لبعض المربين والتجار، لكنه في المقابل قد يحد من ارتفاع الأسعار، ما يسمح بإعادة التوازن إلى السوق على المدى الطويل.
هل اتخذت دول أخرى قرارات مشابهة؟
لم يكن المغرب الدولة الوحيدة التي شهدت ارتفاعًا في أسعار الأضاحي، إذ واجهت دول عربية أخرى مشكلات مماثلة، غير أن القرارات الرسمية بشأن الشعيرة تفاوتت.
ففي بعض الدول، لجأت الحكومات إلى تقديم دعم مالي للأسر المحتاجة لشراء الأضاحي، بينما اعتمدت أخرى على تشجيع التضامن الاجتماعي من خلال التبرع باللحوم للمحتاجين بدلًا من الذبح الفردي.