أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلًا واسعًا بتصريحاته المتكررة حول رغبته في ضم جرينلاند إلى الولايات المتحدة. وعلى الرغم من نفي قادة جرينلاند والدنمارك لهذه الفكرة، فإن تساؤلات عديدة تُطرح حول السيناريوهات المحتملة إذا قررت الولايات المتحدة المضي قدمًا في تنفيذ هذه الخطوة، سواء عبر الضغط الاقتصادي أو حتى الخيار العسكري.
الأثر الجيوسياسي: أزمة غير مسبوقة في الناتو
جرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي تحت سيادة الدنمارك، تُعد عضوًا مؤسسًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يعني أن أي هجوم عليها سيعتبر اعتداءً على الحلف بأكمله وفقًا للمادة الخامسة من ميثاق الناتو. ومع ذلك، فإن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة نفسها عضو في الناتو، مما قد يخلق أزمة داخلية غير مسبوقة داخل الحلف العسكري الأقوى في العالم. وفي حال قررت الولايات المتحدة فرض سيطرتها بالقوة، فقد يؤدي ذلك إلى تفكك الناتو أو على الأقل إضعافه بشدة، حيث ستجد الدول الأوروبية صعوبة في الوثوق بحليف يتخذ خطوات عدوانية ضد أحد أعضائه.
ردود الفعل الأوروبية والدولية على ضم جرينلاند
إذا أقدمت الولايات المتحدة على خطوة عدائية تجاه جرينلاند، فإن الاتحاد الأوروبي قد يلجأ إلى فرض عقوبات اقتصادية أو حتى مراجعة العلاقات الأمنية والتجارية مع واشنطن. فرنسا وألمانيا، على وجه الخصوص، قد تتخذان موقفًا صارمًا ضد أي محاولة أمريكية لإعادة تشكيل الحدود بالقوة. على المستوى الدولي، من المرجح أن تستغل روسيا والصين هذه الأزمة لتعزيز نفوذهما عالميًا، عبر تصوير الولايات المتحدة كدولة توسعية لا تحترم سيادة الدول الأخرى. هذا قد يؤدي إلى تغيرات استراتيجية كبرى في التحالفات العالمية.
التداعيات الاقتصادية لضم ترامب لدولة جرينلاند
تمتلك جرينلاند موارد طبيعية ضخمة، بما في ذلك معادن نادرة ضرورية لصناعات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الليثيوم والكوبالت. وإذا ضمتها الولايات المتحدة، فستحصل على ميزة اقتصادية هائلة، مما قد يؤثر على الأسواق العالمية. لكن في المقابل، قد تتسبب هذه الخطوة في عزلة اقتصادية لأمريكا، حيث يمكن للاتحاد الأوروبي والصين فرض عقوبات على الشركات الأمريكية، مما يعرقل التجارة العالمية ويؤدي إلى اضطرابات اقتصادية كبرى.
موقف سكان جرينلاند من تصريحات ترامب
استطلاعات الرأي تشير إلى أن 85% من سكان جرينلاند يرفضون الانضمام إلى الولايات المتحدة. أي محاولة ضم بالقوة قد تؤدي إلى احتجاجات واسعة وحركات مقاومة داخل الجزيرة، مما سيضع واشنطن أمام تحديات داخلية كبيرة، خصوصًا إذا حاولت فرض نظام حكم مباشر على السكان.
في النهاية
إذا نجح ترامب في ضم جرينلاند، فإن العالم قد يواجه واحدة من أكبر الأزمات الجيوسياسية منذ الحرب الباردة. هذه الخطوة لن تغير فقط خريطة التحالفات العالمية، بل قد تؤدي أيضًا إلى اضطرابات داخلية في الولايات المتحدة نفسها. وفي النهاية، يظل السؤال المطروح: هل يمكن لمثل هذا السيناريو أن يصبح واقعًا، أم أنه مجرد خطاب سياسي شعبوي؟