سياسة

اتهام رئيس كوريا الجنوبية بالتمرد بعد الأحكام العرفية

اتُّهم رئيس كوريا الجنوبية «يون سوك يول» بالتمرد في خطوة غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حيث أصدرت النيابة العامة الكورية قرارًا بتوجيه تهم التمرد ضده بسبب إعلان الأحكام العرفية في بداية ديسمبر 2024. ودفع هذا الإعلان المفاجئ بالبلاد إلى أزمة سياسية حادة وأثار مخاوف من العودة إلى حقبة الحكم الاستبدادي التي شهدتها كوريا الجنوبية في الماضي.

ففي محاولته فرض الأحكام العرفية، برر الرئيس «يون» قراره باتهام الحزب المعارض الرئيسي بالتعاطف مع كوريا الشمالية وممارسة أنشطة مناهضة للدولة، وهو ما عده مبررًا للقيام بتلك الخطوة. لكن البرلمان الكوري سرعان ما ألغى القرار وأثار غضبًا عامًا واسعًا داخل المجتمع السياسي والشعبي.

كيف واجه برلمان كوريا الجنوبية قرار الرئيس؟

رغم إنكار «يون» لارتكاب أي خطأ، قام البرلمان بتصويته لصالح إقالته، ليتم اعتقاله الأسبوع الماضي. كما أعلنت النيابة العامة عن التهم الموجهة إليه مساء يوم الأحد الماضي، ليصبح بذلك أول رئيس كوري جنوبي في التاريخ يتم توجيه تهم جنائية ضده وهو لا يزال في منصبه. وقالت النيابة، في بيان رسمي، إن التحقيقات أظهرت وجود أدلة كافية لدعم التهم الموجهة له، وأشارت إلى أنه لا توجد أسباب لتغيير أمر الاعتقال الصادر بحق الرئيس.

وتفيد الشهادات التي تم الإدلاء بها أثناء جلسات الاستماع البرلمانية أن «يون» أصدر أوامر مباشرة لفرق من الجيش والشرطة العسكرية بتحطيم أبواب البرلمان لاعتقال المشرعين، وهو أمر ينفيه الرئيس. كما تشير التقارير إلى أنه بعد إعلان الأحكام العرفية، طلب من نائب مدير وكالة الاستخبارات الوطنية «هونج جانج وون» أن يستغل الفرصة لإلقاء القبض على 14 شخصية سياسية وقانونية معارضة، ومن بينهم زعيم الحزب المعارض، بهدف «تنظيف الوضع».

ما جعل الوضع أكثر تعقيدًا هو فشل محاولة أولى من قبل مكتب التحقيق في فساد كبار المسؤولين (CIO) لاعتقاله في وقت سابق من الشهر، بعد تصدي الحرس الرئاسي بشكل عنيف لمحاولات الشرطة الوصول إليه. وفي محاولتهم الثانية، نجح المكتب في اعتقال «يون»، لكنه رفض التعاون مع التحقيقات الموجهة ضده.

كيف تفاعلت الأحزاب السياسية مع التحقيقات في القضية؟

أثارت هذه التطورات السياسية جدلًا واسعًا داخل البلاد، حيث أدانت أحزاب المعارضة التحقيقات في حين دعمتهما أحزاب موالية للرئيس. واعتبرت «الحزب الديمقراطي» المعارض أن التهم الموجهة إلى «يون» تأتي بسبب انتهاكه للنظام الدستوري ومحاولاته المساس بالديمقراطية. في المقابل، دافع الحزب الحاكم عن الرئيس مؤكدًا أن التحقيقات كانت «غير قانونية»، واصفًا التهم الموجهة له بأنها «خطأ تاريخي».

مع بدء محاكمته، بات «يون» يواجه محاكمة مزدوجة: الأولى في المحكمة الدستورية لتحديد مصيره السياسي، والتي من المتوقع أن تحسم في الربيع المقبل، والثانية في محكمة جزائية بتهمة التمرد. في حالة إدانته بتهمة التمرد، قد يواجه الرئيس الكوري الجنوبي عقوبة السجن مدى الحياة أو حتى عقوبة الإعدام، رغم أن البلاد لم تنفذ حكم الإعدام منذ عدة عقود.

ما العقوبات المحتملة في حال إدانة الرئيس «يون»؟

على الرغم من الحصانة التي يتمتع بها الرئيس بموجب القانون كوريا الجنوبية من الملاحقة القضائية في القضايا الجنائية العادية، فإن هذه الحصانة لا تشمل التهم المتعلقة بالتمرد أو الخيانة. وقد تم توجيه تهم مماثلة ضد عدد من المسؤولين العسكريين والشرطة بعد إعلان الرئيس «يون» للأحكام العرفية.

من غير الواضح بعد كيف ستؤثر هذه التهم على الاستقرار السياسي في كوريا الجنوبية، وما إذا كان هذا الوضع سيؤدي إلى تغييرات عميقة في النظام السياسي الكوري. بينما يواصل الرئيس «يون» نفي التهم الموجهة إليه، يترقب الجميع ما ستسفر عنه جلسات المحكمة في الأشهر القادمة.