سياسة

هل تتكرر قصة «جروفيلد» بعودة «ترامب» إلى البيت الأبيض؟

في تاريخ الولايات المتحدة، يعد «جروفيلد كليفلاند» الرئيس الوحيد الذي قضى فترتين رئاسيتين غير متتاليتين، قبل «دونالد ترامب»، الذي انتهت فترة رئاسته الأولى في 2021 ثم أُعيد انتخابه في 2024 بعد فترة انقطاع.

وتولى «جروفيلد كليفلاند» الرئاسة في فترتين منفصلتين: الأولى من 1885 إلى 1889، ثم عاد إليها مرة أخرى من 1893 إلى 1897، وربما تطرح اللحظة التاريخية السابقة والحالية، تساؤلات حول الصعود والهبوط في السياسية الأمريكية وتغيير الشخصيات التي ترتبط بفترات حاسمة في تاريخها.

ماذا يعني أن يعود الرئيس إلى المنصب بعد انقطاع؟

تعد حالة «جروفيلد كليفلاند» و«دونالد ترامب» حالة فريدة من نوعها في التاريخ السياسي الأمريكي، إذ يعود كل منهما إلى البيت الأبيض بعد فترة انقطاع.

ففي عام 1888، خسر «كليفلاند» الانتخابات أمام منافسه «بينجامين هاريسون» على الرغم من حصوله على غالبية الأصوات الشعبية، لكن انتهت المنافسة لصالح «هاريسون» بسبب نظام المجمع الانتخابي. ورغم الهزيمة، تمكّن من العودة للرئاسة في 1892 بعد أربع سنوات من الغياب.

أما «ترامب»، فواجه تحديات سياسية مختلفة خلال فترته الأولى، لكنه عاد ليترشح مرة أخرى في 2024.

وتثير هذه التجارب تساؤلات حول قدرة الشخصيات السياسية على البقاء مؤثرة رغم فقدان السلطة.

كيف أثر «كليفلاند» في السياسة الأمريكية؟

خلال فترة حكمه، قدم «جروفيلد كليفلاند» سياسات مستقلة غير تقليدية تميزت بالتركيز على تقوية القيم الوطنية الأمريكية، حيث لم يتردد في رفض مشاريع قوانين حكومية كان يراها مبالغة في تدعيم السلطة المركزية، مثل رفضه لطلبات مساعدات مالية للمزارعين الذين عانوا من الجفاف.

وعرف كليفلاند بتقديمه سياسة عدم التدخل في الشؤون الاقتصادية لمجموعات الضغط، حتى ولو أثار ذلك غضب بعض القطاعات مثل السكك الحديدية.

في نهاية فترته الأولى، تعرض لهزيمة في الانتخابات رغم فوزه بالأصوات الشعبية، الأمر الذي قد يشير إلى التعقيدات التي واجهها الرئيس في وقتٍ كان يشهد تحولات كبيرة في النظام الانتخابي.

ما الذي ميز عودة كليفلاند إلى الرئاسة؟

عند عودته إلى الرئاسة في عام 1893، واجه «كليفلاند» تحديات أكبر من فترة حكمه السابقة. كانت البلاد تمر بأزمة اقتصادية خانقة، ومع ذلك اتخذ خطوات جريئة لتجاوز الأزمة، حيث عمل على استعادة الاحتياطي الفيدرالي الذهبي من خلال إلغاء قانون شراء الفضة.

كما أرسل الجيش الفيدرالي لقمع إضراب السكك الحديدية في شيكاغو عام 1894، وهي خطوة أثارت جدلًا واسعًا لكنها أظهرت عزمه على الحفاظ على النظام العام.

ورغم أن سياساته لم تلقَ دعمًا شعبيًا في ذلك الوقت، رسّخ «كليفلاند» مكانته كأحد الشخصيات التي حاولت إعادة التوازن في وقت الأزمات.

هل يمكن المقارنة بين «كليفلاند» و«ترامب»؟

على الرغم من اختلاف السياقات التاريخية والسياسية، فإن التجربة السياسية للرئيسين تشترك في عدة نقاط. فكل منهما حقق عودة غير تقليدية إلى الرئاسة بعد فترة من الانقطاع، وهو ما يثير تساؤلات حول النظام السياسي الأمريكي وقدرته على احتواء الشخصيات المتقلبة.

في المقابل، ما يزال تأثير هذه الشخصيات قائمًا، سواء في تعديل السياسات الداخلية أو في التأثير على سلوك الناخب الأمريكي.